وروى ابن عبّـاس رضى الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنّه قال : «لمّا أُسـري بي إلى السماء سمعت تحت العرش : إنّ عليّاً راية الهدى ، وحبيب من يؤمن بي ، بلّغ يا محمّـد!» ، ونزل قوله تعالى : (ياأيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك ...) (١) .. الآية.
وفي رواية أُخرى : «وإنّي لم أبعث نبيّاً إلاّ جعلت له وزيراً ، وإنّك رسول الله وإنّ عليّاً وزيرك» ، فكره رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أن يحدّث الناس بها ؛ لأنّهم كانوا قريبي العهد بالجاهليّة ، حتّى مضى سـتّة أيّام ، فنزل : (فلعلّك تارك بعض ما يوحى إليك) (٢) .. الآية ، فاحتمل رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم حتّى كان يوم الثامن ، ثمّ نزل : (يا أيّها الرسول بلغّ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس) (٣).
والكلام من هذا الخبر يقع في مكانين : أحدهما في صحّته ، والثاني في وجه دلالته ..
أمّا صحّته ، فهو معلوم بالتواتر بين خلف الأُمّة وسلفها ، ولم يخالف فيه أحد من رواة الحديث ، ورواه من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم مائة ، منهم العشـرة (٤) ، ولا شكّ في بلوغه حدّ التواتر ،
____________
(١) مائة منقبة ـ لابن شاذان ـ : ١١٥ المنقبة ٥٦ ، فرائد السمطين ١ / ١٥٨ ح ١٢٠ ، شواهد التنزيل ١ / ١٨٧ ح ٢٤٣ ؛ وفيها : عن أبي هريرة ، وليس عن ابن عبّـاس.
(٢) سورة هود ١١ : ١٢.
(٣) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : ٤٣٦ ح ٥٧٦ ، بحار الأنوار ٣٧ / ١١٠ ، شواهد التنزيل ١ / ١٩٢ ح ٢٥٠.
(٤) المقصود بالعشرة هم : الاِمام علي بن أبي طالب ٧ ، أبو بكر ، عمر بن