«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، ولو كان لكنته» (١)
ونحن نتكلّم في صحّة هذا الحديث أوّلاً ، ثمّ نبيّن وجه دلالته على إمامته عليه السلام.
أمّا صحّته (٢) ، فاعلم أنّه لا خلاف في صحّة هذا الحديث وكونه معلوماً بين أهل النقل ، ولم ينكره أحد من الأُمّة.
وأمّا وجه دلالته (٣) ، فهو : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم
____________
(١) الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : ٥٤٨ ح ١١٦٨ وص ٥٩٨ ح ١٢٤٢ ، تاريخ بغداد ٢ / ٢٨٩ ح ١٣٧٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٧٦ ح ٨٦٠٥ ، لسان الميزان ٥ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨ رقم ١٢٢٧.
(٢) أقول : إنّ هذا الحديث ظاهر ومشتهر ، وبلغ حدّ التواتر والشيوع حتّى أنّ إمام الفئة الباغية معاوية رواه ؛ يقول ابن عساكر في تاريخه ، والسمهودي في جواهره ، والمغازلي في مناقبه ، وأحمد بن حنبل في فضائله : إنّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة ، فقال : سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم منّي.
قال ـ الرجل ـ : قولك يا أمير المؤمنين أحبّ إليّ من قول عليّ.
قال ـ معاوية ـ : بئس ما قلت ولؤم ما جئت به ، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يغرُّه بالعلم غرّاً ، ولقد قال له : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».
انظر : تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٧٠ ، جواهر العقدين ٢ / ٣٢٨ ، المناقب ـ للمغازلي ـ : ٣٤ ح ٥٢ ، الفضائل ـ لابن حنبل ـ : ١٩٧ ح ٢٧٥.
(٣) أقول : يكون الاستدلال على إثبات جميع منازل هارون لعليّ عليه السلام بالعمومين الواردين في الحديث :
الأوّل : بواسطة اسم الجنس المضاف إلى المعرفة : «بمنزلة هارون» ؛ فإنّ «المنزلة» اسم جنس وأُضيفت إلى «هارون» وهو معرفة ، وقد ذكر الأُصوليون أنّ اسم الجنس إذا أُضيف إلى معرفة فإنّه يدل على العموم ، وهذه بعض الشواهد :
أ : قال السبكي في كتابه الاِبهاج في شرح المنهاج ٢ / ١٠١ ـ ١٠٢ : وهنا