فمن ساءه فها هنا» وأومى بيده نحو الشام (١). وهذا رواه المخالفون.
____________
(١) علل الشرائع : ٢٠٢ باب ١٥٤ ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : ١٧٨ ح ٢٧٥ ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : ٦١ ـ ٦٣ ح ٦١ ، كشف الغمّة ٢ / ٣٣٢ ، المناقب ـ للمغازلي ـ : ٢٥٥ ح ٣٠٣.
أقول : إنّ حديث «سـدّ الأبواب» هو دليل واضح على أفضلية وعلوّ درجة وكمال مرتبة الاِمام عليّ عليه السلام.
وعلى هذا الأساس فالعقل يحكم بأنّ من كان أبهر فضلاً وأعلى درجة وأكمل مرتبة في الدين يكون الأوْلى في التقديم والأحقّ بالتعظيم والخلافة ، وهذا لا شكّ فيه.
ولأجل هذه المنزلة الرفيعة التي نالها الاِمام عليه السلام من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وضع بعض الوضّاعين رواية محرّفة ، شاع تداولها في زمن بني أُميّة ، يذكر فيها : أنّ الباب التي أمر الرسول بإبقائها مفتوحة على المسجد هي باب أبي بكر ، وسنورد نصّ ما قاله ابن خلدون في تاريخه ٤ / ٨٥٠ ..
يقول : أوصى الرسول في حال مرضه بثلاث : أن يخرجوا المشركين من جزيرة العرب ... ثمّ قال : سدّوا هذه الأبواب في المسجد إلاّ باب أبي بكر ، فإنّي لا أعلم امرءاً أفضل يداً عندي في الصحبة من أبي بكر ، ولو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبابكر خليلاً ... انتهى كلام بن خلدون.
ولنا وقفة قصيرة مع روايته هذه ، التي يشمّ منها رائحة البغض والعداء لخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل :
أوّلاً : من المتّفق عليه أنّ الجماعة عندما اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله في حال مرضه وقال لهم : «اعطوني دواة وقرطاس لأكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً» ، فقال عمر : إنّ الرجل ليهجر ، وغلب عليه الوجع. فتخاصموا في ما بينهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : «اخرجوا ، لا ينبغي عندي النزاع» ، فخرجوا وكان من ضمنهم الأوّل ؛ فكيف يقول الرسول : سدّوا الأبواب إلاّ باب أبي بكر. والرسول صلى الله عليه وآله أخرجهم من بيته؟!
ثانياً : كيف يتحدّث الرسول صلى الله عليه وآله مع أبي بكر والحال أنّه تخلّف عن جيش أُسامة ، ومن المتّفق عليه أنّه صلى الله عليه وآله لعن المتخلّفين عن جيش أُسامة لحسدهم وحقدهم عليه ، كما فعلوا ذلك مع أبيه.