إنّما عنى الله بهذا أنّهم كانوا على نور الاِسلام فلمّا أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إيّاهم من نور الاِسلام إلى ظلمات الكفر ، فأوجب لهم النار مع الكفّار فقال : (أُولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (١)» (٢).
وروي في طرقهم عنه صلى الله عليه وآله : «إنّما أخاف على أُمّتي الأئمّة المضلّين ، فاذا وضع السيف في أُمّتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ... ولاتزال طائفة من أُمّتي على الحقّ ظاهرين ، لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر الله وهم على ذلك» (٣) ..
وروي أيضاً في مشكاة المصابيح (٤).
وقد أدرك المسلمون الحال المتردّي الذي وصلوا إليه ، وإنّ إقامة دين محمّـد صلى الله عليه وآله وإبعاد الزيغ والانحراف عنه في داخل البلاد الاِسلامية أوّلاً مقدّم على فتح البلدان غير الاِسلامية ، وإنّ خلع الخليفة الفاسد ونصب الخليفة العادل هو قطب الرحى الذي يدور عليه نظام الدين ونظام المسلمين ، كما قالت بنت المصطفى صلى الله عليه وآله : «وطاعتنا نظاماً للملّة» ..
هذه الحقيقة التي أدركها المسلمون في قتل عثمان هي التي أوجبت اشتعال حـروب عليّ عليه السلام الداخلية ـ حـرب الجمل وصفّين والنهروان ـ بدل من فتح البلدان ، وكذلك سـيرة الحسنين عليهما السلام ؛ فإنّ إصلاح أُمّة محمّـد صلى الله عليه وآله مقدّم على دعوة الكفّار إلى الاِسلام.
____________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٥٧.
(٢) تفسير العيّاشي ١ / ١٣٨ ، بحار الأنوار ٧٢ / ١٣٥.
(٣) جامع الأُصول ١٢ / ١٦٢ و ١٠ / ٤١٠.
(٤) مشكاة المصابيح : ٤٦٥.