وأي إسلام يُدعى الكفّار إليه؟!
أهو الاِسلام الذي لبني أُميّة فيه النصيب الأوفر؟!
أم الاِسلام الذي ينصّب معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن أبي سفيان ولاةً على الشام؟!
أم الاِسلام الذي يفرّق بين القرشي وغير القرشي ، والعربي وغير العربي؟!
أم الاِسلام الطبقي البرجوازي ، وإسلام الاِقطاع وتكدّس الثروات؟!
أم الاِسلام الذي يحرّم الخروج على الخليفة الجائر؟!
أم الاِسلام الذي يرى مشروعية الخليفة المتغلّب بالقوّة على رقاب المسلمين؟!
أم الاِسلام الذي يسوّغ كلّ مخالفة للأحكام والأُصول تحت ذريعة : «اجتهد فأخطأ» ، و : «تأوّل فيُعذر»؟!
أم الاِسلام الذي يمنع تدوين وحفظ أحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله لطمس معالم الدين؟!
فالحقيقة التي يصل إليها الباحث في التاريخ والعلوم الاِسلامية هي : إنّ قريش وجملة من قبائل العرب لمّا شاهدوا بزوغ الدين الجديد وأنّه ستكون له القدرة والسلطة على كلّ الجزيرة العربية وغيرها من البلدان ، أخذوا بتنظيم عملية اختراق لصفوف المسلمين منذ السنوات الأُولى لبعثة النبيّ صلى الله عليه وآله ؛ ففي الوقت الذي كان رؤساء قريش وغيرها قد اعتمدوا المواجهة المعلنة والمصادمة الشديدة لهذا الدين ، لأنّ مصالحهم ومواقعهم القبلية مهدّدة بالخطر ، اعتمدوا ـ في الوقت نفسه ـ سياسة الاختراق هذه ، التي هي طريق طبيعي مألوف ، في كلّ عصور البشر ، بين أيّ قوّتين