فقد احتضنت هذه المدينة العريقة ، إضافة إلى ما عُرف باسمها من أماكن مقدّسـة وآثار قديمة ، وعلى مدى تاريخها المضيء ، عشرات المكتبات الخاصّـة والعامّـة ، التي حوت في رفوفها ـ وما زالت ـ أُلوف المخطوطات ومئات النفائس ، رغم أنّها تعرّضت من قديم الزمان وخاصّة في عصرنا إلى أنواع الحوادث ، وتضرّرت كثيراً أو قليلاً ..
وكنموذج لما في هذه المكتبات من نفائس نذكر فقرات بخصوص إحداها ، وهي : «خزانة الروضة الحيدرية» ، نقتطفها من مقدّمة فهرس مخطوطات خزانة الروضة الحيدرية ، الذي وضعه العلامّة السـيّد أحمد الحسيني ، من شأنها أن تلقي ضوءاً على وضع هذه الخزانة المهمّة ، ومثيلاتها في النجف ، علماً أنّ هذا الكلام كتب سنة ١٣٩١ هـ ـ ١٩٧٧ م ، حينما كانت المكتبات أحسن حالاً منها اليوم ..
قال : «الخزانة العلوية ثرية بالغة الثراء بما تحويه من الأعلاق النفيسة التي لا تقدّر بثمن ، ذلك لأنّ مرقد الاِمام أمير المؤمنين عليّ بن أبيطالب عليه السلام كان ولا يزال مهوى أفئدة المسلمين ، فلا يخلو في وقت من الأوقات من الوافدين لزيارته من أنحاء العالم ، وكان الملوك والعظماء والأعيان وأرباب الثراء وسائر الطبقات المختلفة يتبارون في إهداء أنفس ما يملكونه من النوادر ، وأعزّ ما يجدونه من التحف للمشهد الشريف ، ومن هنا اجتمع في خزانة المشهد مع مرور السنين المتمادية ، ما يعجز عن تقييمه حتّى الخبراء.
وفي هذه التحف الشيء الكثير من المجوهرات والآثار الباقية من الشخصيات الكبيرة ، والمصنوعات اليدوية الثمينة ، وأنواع الفرش والستائر