الساعة «ذكراهم» في موضع رفع بالابتداء على مذهب سيبويه ، وبالصفة على قول الكوفيين.
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ(١٩) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ) (٢٠)
(فَاعْلَمْ) قال أبو إسحاق : الفاء جواب للمجازاة أي قد بيّنّا أن الله جلّ وعزّ واحد فاعلم ذلك. فأما مخاطبة النبيّ صلىاللهعليهوسلم بهذا ، وهو عالم به ففي ذلك غير جواب. قال أبو إسحاق : مخاطبة النبيّ صلىاللهعليهوسلم مخاطبة لأمته ، وعلى مذهب بعض النحويين أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم مأمور أن يخاطب بهذا غيره مثل (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) [يونس : ٩٤] وقيل : فاعلم علما زائدا على علمك لأن الإنسان قد يعلم الشيء من جهات وجواب رابع أنّ المعنى تحذير له من المعاصي أي فاعلم أنه لا إله إلّا الله وحده لا يعاقب على العصيان غيره. ويدلّ على هذا أنّ بعده واستغفر لذنبك كما تقول للرجل تحذّره من المعصية : اعلم أنّك ميّت فلست تأمره أن يفعل العلم وإنما تحذّره من المعاصي. قال أبو إسحاق : (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) أي متصرّفكم. (وَمَثْواكُمْ) أي مقامكم في الدنيا والآخرة. قال : (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) أي فرض (فَأَوْلى لَهُمْ).
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) (٢١)
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) فيه أجوبة فقال الخليل وسيبويه جوابان : أحدهما أن تكون (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) مرفوعين بالابتداء أي طاعة وقول معروف أمثل والثاني على خبر المبتدأ أي أمرنا طاعة وقول معروف. وقال غيرهما : التقدير منّا طاعة. وقول رابع أن يكون «طاعة» نعتا لسورة بمعنى ذات طاعة (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) أي جدّ الأمر. وقيل : هو مجاز أي أصحاب الأمر أي فإذا عزم النبيّ صلىاللهعليهوسلم على الحرب. (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) في القتال. (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) من التعلّل والهرب ، وقال أبو إسحاق : أي لكان صدقهم الله وإيمانهم به خيرا لهم.
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (٢٢)
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ) (١) (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) هذه القراءة التي عليها الجماعة. قال أبو إسحاق : ولو جاز عسيتم لجاز عسى ربّكم فهي عنده لا تجوز البتة. ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عنه أنه قرأ (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي تولّاكم النّاس على ما لم
__________________
(١) انظر مختصر ابن خالويه ١٤٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٨٢.