(وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (٢١)
(وَأُخْرى) في موضع نصب أي وعدكم أخرى (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) أي علم أنها ستكون.
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٢٢)
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) عن ابن عباس والحسن أيضا أنه في عيينة وعوف.
(سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٢٣)
(سُنَّةَ اللهِ) مصدر لأن معنى (لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) سنّ الله عزوجل ذلك. قال أبو إسحاق : ويجوز «سنّة الله» بالرفع أي تلك سنة الله.
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٢٥)
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ)
رويت فيه روايات فمن أحسنها أنه في يوم فتح مكّة كفّ الله جلّ وعزّ أيدي الكفار بالرعب الذي ألقاه في قلوبهم وكفّ أيدي المؤمنين بأنه لم يأمرهم بقتالهم يدلّ على هذا قوله عزوجل : (بِبَطْنِ مَكَّةَ) ولم تنصرف مكة ؛ لأنها معرفة اسم للمؤنث ثم بيّن جلّ وعزّ أنه لم يترك أمرهم بقتالهم لأنهم مؤمنون وأخبر أنّهم كفار فقال : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ) معطوف على الكاف والميم وصدّوا الهدي (مَعْكُوفاً) على الحال. (أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) «أن» في موضع نصب أي عن أن يبلغ محلّه ثم بيّن جلّ وعزّ لم لم يأمرهم بقتالهم فقال : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) «أن» في موضع رفع بدل والمعنى ولو لا أن تطئوهم أي تقتلوهم بالوطء ، وقيل : لأذن لكم في دخول مكة ولكنه حال بينكم وبين ذلك (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) من أهل مكة بالوطء ، وقيل : المعنى أنّ الله سبحانه علم أنّ هؤلاء الكفّار من يسلم ومن يولد له من يسلم فلم يأمر بقتلهم ويقال : إنّ على هذا نهى الله جلّ وعزّ عن قتل أهل الكتاب إذا أدّوا الجزية قال الله جلّ وعزّ : (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ). فأما معنى (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) فقيل لئلا يقتل المسلمون خطأ فتؤخذ الديات وقيل: معرّة أي عيب فيقال : لم يتقوا إذ قتلوا أهل دينهم قال الله سبحانه : (لَوْ تَزَيَّلُوا