(قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) (٤)
(قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) أي من لحومهم وأبدانهم (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) بمعنى حافظ لأنه لا يندرس ولا يتغير.
(بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) (٥)
(بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) أي لم يكذّبوك لشيء ظهر عندهم. (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) روي عن ابن عباس : «مريج» منكر. وعنه : مريج في ضلالة ، وعنه : مريج مختلف ، وقال مجاهد وقتادة : مريج ملتبس ، وقال الضّحاك وابن زيد : مريج مختلط. قال أبو جعفر : وهذه الأقوال ، وإن كانت ألفاظها مختلفة فمعانيها متقاربة ؛ لأن الأمر إذا كان مختلفا فهو ملتبس منكر في ضلالة ؛ لأن الحقّ بيّن واضح.
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) (٦)
أي أفلم ينظر هؤلاء المشركون الذين أنكروا البعث وجحدوا قدرتنا على إحيائهم بعد البلى إلى قدرتنا على خلق السماء حتّى جعلناها سقفا محفوظا. (وَزَيَّنَّاها) أي بالكواكب. (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) يكون جمعا ويكون واحدا أي من فتوق وشقوق.
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٧)
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) أي بسطناها ونصبت الأرض بإضمار فعل أي وبسطنا الأرض ، والرفع جائز إلّا أن النصب أحسن لتعطف الفعل على الفعل. (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) أي جبالا رست في الأرض أي ثبتت. (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) أي نوع. قال ابن عباس : (بَهِيجٍ) حسن.
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٨)
(تَبْصِرَةً) مصدرا ، ومفعول له أي فعلنا ذلك لنبصّركم قدرة الله سبحانه (وَذِكْرى) أي ولتذكروا عظمة الله وسلطانه فيعلموا أنه قادر على أن يحيي الموتى ويفعل ما يريد. (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) أي راجع إلى الإيمان وطاعة الله جلّ وعزّ.
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (٩)
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) وهو المطر. (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) زعم الفراء (١) : أنّ الشيء أضيف إلى نفسه ؛ لأن الحب هو الحصيد عنده. قال أبو جعفر :
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٧٦.