(بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٥٩)
(بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) بفتح الكاف ، والنفس مؤنّثة لأن المعنى للمذكر ، وقرأ (١) عاصم الجحدري بالكسر على تأنيث النفس والقراءة بالكسر تروى عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (٦٠)
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) مبتدأ وخبره في موضع نصب ، ويجوز النصب على أن تكون وجوههم بدلا من الذين. (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) وبيّن رسول الله صلىاللهعليهوسلم معنى الكبر فقال : الكبر سفه الحقّ وغمس الناس أي احتقارهم. وفي حديث عبد الله بن عمر عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يحشر المتكبّرون يوم القيامة كهيئة الذّرّ يلحقهم الصّغار حتّى يؤتى بهم إلى سجن في جهنّم» (٢).
(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦١)
(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦١) (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ) هذه قراءة أكثر الناس على التوحيد لأنها مصدر. وقرأ الكوفيون (بمفازاتهم) (٣) وهو جائز كما تقول : بسعاداتهم وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم تفسير هذه الآية من حديث أبي هريرة قال : «يحشر الله جلّ وعزّ مع كلّ امرئ عمله فيكون عمل المؤمن معه في أحسن صورة فكلّما كان رعب أو خوف قال له : لا ترع فما أنت بالمراد به ، ولا أنت بالمعنيّ به فإذا كثر ذلك عليه قال له: ما أحسنك فمن أنت؟ فيقول ، أما تعرفني أنا عملك الصالح حملتني على ثقلي فو الله لأحملنّك اليوم ولأدفعنّ عنك فهي التي قال : (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)» (٤).
(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٦٢)
أي هو حافظه والقائم به.
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٦٣)
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) واحدها مقليد وأكثر ما يستعمل فيه إقليد (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) مبتدأ (أُولئِكَ هُمُ) مبتدأ ثان : (الْخاسِرُونَ) خبر الثاني «وهم» فاصلة ، ويجوز أن يكون «أولئك» بدلا من الذين و «هم» مبتدأ و «الخاسرون» خبره والجملة خبر الذين.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٤١٩.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢ / ١٧٨ ، والترمذي رقم الحديث (٢٤٩٢) ، والمنذري في الترغيب والترهيب ٤ / ٣٨٨ انظر رقم ١٩ والزبيدي في إتحاف السادة المتّقين ١ / ٣٠٩.
(٣) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٢٠.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥ / ٢٧٤.