(وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى) (٤٨)
روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أقنى أرضى ، وقال ابن زيد : أغنى بعض خلقه وأفقر بعضهم. قال أبو جعفر : يقال : أقنيت الشيء أي اتخذته عندي وجعلته مقيما فأقنى جعل له مالا مقيما.
(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) (٤٩)
قال مجاهد : هي الشّعرى التي خلف الجوزاء ، وقال غيره : هما شعريان فالتي عبرت هي الشّعرى العبور الخارجة عن المجرة التي عبدها أبو كبشة في الجاهلية ، وقال : رأيتها قد عبرت عن المنازل.
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) (٥٠)
قراءة الكوفيين وبعض المكيين ، وهي القراءة البيّنة في العربية حرّك التنوين لالتقاء الساكنين. وقراءة أبي عمرو وأهل المدينة وأنه أهلك عدا الولي (١) بإدغام التنوين في اللام. وتكلّم النحويون في هذا فقال محمد بن يزيد : هو لحن وقال غيره : لا يخلو من إحدى جهتين أن يصرف عادا فيقول : عادا الأولى ، أو يمنعه الصرف يجعله اسما للقبيلة فيقول عاد الأولى. فأما عادا الأولى فمتوسط ، فأما الاحتجاج بقراءة أهل المدينة وأبي عمرو فنذكره عن أبي إسحاق ، قال : فيه ثلاثة لغات يقال : الأولى بتحقيق الهمزة ثم تخفّف الهمزة فتلقى حركتها على اللام فتقول : «الولي» ولا تحذف ألف الوصل لأنها تثبت مع ألف الاستفهام نحو (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) [يونس : ٥٩] فخالفت ألفات الوصل فلم تحذف أيضا هاهنا. واللغة الثالثة أن يقال : «لولى» فتحذف ألف الوصل لأنها إنما اجتلبت لسكون اللام فلما تحركت اللام حذفت فعلى هذا قراءته عادا الولي أدغم التنوين في اللام. قال : وسمعت محمد بن الوليد يقول : لا يجوز إدغام التنوين في هذه اللام لأن هذه اللام أصلها السكون والتنوين ساكن فكأنه جمع بين ساكنين قال : وسمعته يقول : سمعت محمد بن يزيد يقول : ما علمت أن أبا عمرو بن العلاء لحن في صميم العربية في شيء من القرآن إلّا في (يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) [ال عمران : ٧٥] وفي (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) قال : وأبى هذا أبو إسحاق واحتجّ بما قدّمنا. فأما الأولى فيقال : لا يكون أولى إلّا وثمّ أخرى فهل كان ثمّ عاد آخرة؟ فتكلّم في هذا جماعة من العلماء. فمن أحسن ما قيل فيه ما ذكره محمد بن إسحاق قال : عاد الأولى عاد بن إرم بن عوض بن سام بن نوح صلىاللهعليهوسلم ، وعاد الثانية بنو لقيم بن هزّال بن هزيل
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٦٦ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٦١٥ ، والبحر المحيط ٨ / ١٦٦.