(ذلِكَ) في موضع رفع أي ذلك الحلف والنفاق من أجل أنهم. (آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) فطبع على قلوبهم ، ويجوز إدغام العين في العين ، وترك الأدغام أجود لبعد مخرج العين (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) حقّا من باطل ولا صوابا من خطأ لغلبة الهوى عليهم.
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٤)
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) وأجاز النحويون جميعا الجزم بإذا وان تجعل بمنزلة حروف المجازاة لأنها لا تقع إلّا على فعل وهي تحتاج إلى جواب وهكذا حروف المجازاة ، وأنشد الفرّاء : [الكامل]
٤٨٤ ـ واستغن ما أغناك ربّك بالغنى |
|
وإذا تصبك خصاصة فتجمّل(١) |
وأنشد الآخر : [البسيط]
٤٨٥ ـ نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد(٢)
والاختيار عند الخليل وسيبويه والفرّاء (٣) أن لا يجزم بإذا لأن ما بعدها موقت فخالفت حروف المجازاة في هذا ، كما قال : [الكامل]
٤٨٦ ـ وإذا تكون شديدة أدعى لها |
|
وإذا يحاس الحيس يدعى جندب(٤) |
(وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) لأن منطقهم كمنطق أهل الإيمان (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) أي لا يفهمون ولا عندهم فقه ولا علم ، فهم كالخشب ، وهذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وعاصم وحمزة ، وقرأ أبو عمرو والأعمش والكسائي خشب (٥) بإسكان الشين وإليه يميل أبو عبيد ، وزعم أنه لا يعرف فعلة تجمع على فعل بضم الفاء والعين. قال أبو جعفر : وهذا غلط وطعن على ما روته الجماعة وليس يخلو ذلك من إحدى جهتين إمّا أن يكون خشب جمع خشبة كقولهم : ثمرة وثمر فيكون غير ما قال من جمع فعلة على فعل ، أو يكون كما قال حذّاق النحويين خشبة وخشاب مثل جفنة وجفان وخشاب
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (١٠٣).
(٢) الشاهد لعبد قيس بن خفاف الدرر ٣ / ١٠٢ ، وشرح اختيارات المفضّل ص ١٥٥٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٧١ ، ولسان العرب (كرب) والمقاصد النحوية ٢ / ٢٠٣ ، ولحارثة بن بدر الغداني في أمالي المرتضى ١ / ٣٨٣ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٣٣٥ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٨٣ ، وشرح عمدة الحافظ ٣٧٤ ، ومغني ١ / ٩٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٦.
(٣) انظر معاني الفراء ٣ / ١٥٨.
(٤) الشاهد لابن أحمر الكناني في الأزهية ص ١٨٥ ، ولسان العرب (حيس) ، وتاج العروس (حيس) ، وبلا نسبة في شرح المفضل ٢ / ١١٠ ، وكتاب اللامات ص ١٠٦ ، وتاج العروس (حيس).
(٥) انظر تيسير الداني ١٧١.