(فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) (٩)
(فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها) قال السدّي : أي عقوبة أمرها. وأمرها الكفر والعصيان (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) أي غبنا ؛ لأنهم باعوا نعيم الآخرة بحظّ خسيس من الدنيا باتباع أهوائهم.
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) (١٠)
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) وهو عذاب النار. (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) نداء مضاف و (الَّذِينَ آمَنُوا) في موضع نصب على النعت لأولي الألباب. (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) قال السدي : الذكر القرآن والرسول محمد صلىاللهعليهوسلم. والتقدير في العربية على هذا ذكرا ذا رسول ثمّ حذف مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، ويجوز أن يكون رسول بمعنى رسالة مثل (أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) [مريم : ١٩] فيكون رسولا بدلا من ذكر ، ويجوز أن يكون التقدير أرسلنا رسولا فدلّ على الضمر ما تقدّم من الكلام ، ويجوز في غير القرآن رفع رسول ؛ لأن قوله «ذكرا» رأس آية ، والاستئناف بعد مثل هذا أحسن ، كما قال جلّ وعزّ : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة : ١٧ ، ١٨] وكذا. (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) [التوبة : ١١] فلمّا كملت الآية قال جلّ وعزّ : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) [التوبة : ١١١ ، ١١٢] ، وكذا (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦].
(رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (١١)
(يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) نعت لرسول. (لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي من الكفر إلى الإيمان (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ) جزم بالشرط (وَيَعْمَلْ) عطف عليه ، ويجوز رفعه على أن يكون في موضع الحال. (صالِحاً) أي بطاعة الله جلّ وعزّ : (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) مجازاة. (خالِدِينَ فِيها) على الحال (أَبَداً) ظرف زمان (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) أي وسع عليه في المطعم والمشرب.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (١٢)
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ) يكون اسم الله تعالى بدلا أو على إضمار مبتدأ والذي نعت ، ويجوز أن يكون «الله خلق سبع سموات» مبتدأ وخبره (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) عطف ، وحكى أبو حاتم أن عاصما قرأ (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (١) قطعه من الأول ورفع
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ٢٨٣ ، ومختصر ابن خالويه ١٥٨.