(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٧)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) حذفت النون للجزم بالنهي. (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) في «إنما» معنى التحقيق والإيجاب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٨)
(تَوْبَةً) مصدر. (نَصُوحاً) من نعته أي تنصحون لأنفسكم فيها (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وأجاز الفرّاء (١) (وَيُدْخِلَكُمْ) على الموضع بالجزم لأن عسى في موضع جزم في المعنى لأنها جواب الأمر ، وقدّره بمعنى فعسى وعطف «ويدخلكم» على موضع الفاء. قال أبو جعفر : وهذا تعسّف شديد (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) «الذين» في موضع نصب على العطف ، ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) قيل : هذا التمام ، والمعنى (وَبِأَيْمانِهِمْ) يعطون كتبهم ، وقد روي معنى هذا عن ابن عباس (يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) ظهر التضعيف لمّا سكن الثاني (وَاغْفِرْ لَنا) ولا يجوز إدغام الراء في اللام لما فيها من التكرير. (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) خبر «إن» و «كلّ» مخفوض حقّه أن يكون في أخر الكلام لأنه تبيين.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٩)
قيل : مجاهدة المنافقين باللسان والانقباض وأنّه كذا يجب أن يستعمل مع أهل المعاصي إذا لم يوصل إلى منعهم منها ؛ لأن الانبساط إليهم يجرّئهم على إظهارها فأمر الله جلّ وعزّ بمجاهدتهم بهذا وأصل المجاهدة في اللغة بلوغ الجهد في رضوان الله جلّ وعزّ. (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) أي هي منزلهم ومسكنهم. (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي بئس الذي يصلون إليه النار.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (١٠)
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ) مفعولان. (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ١٦٨.