الجنّ والإنس والملائكة ، وهذا من أحسن ما قيل في معناه لأن سبيل ما يجمع بالواو والنون والياء والنون أن يكون لما يعقل فهذا للملائكة والإنس والجن.
(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١٠)
(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) قال كعب : مادت الأرض فخلق الله فيها الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق الرياح والماء الملح ، وخلق من الملح العذب ، وخلق الوحش والطير والهوام وغير ذلك يوم الأربعاء. قال أبو جعفر : واحد الرواسي راسية ، ويقال : واحد الرواسي راس. وقيل للجبال : رواس لثباتها على الأرض. (وَبارَكَ فِيها) أي زاد فيها من صنوف ما خلق من الأرزاق وثبتها فيها والبركة : الخير الثابت (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) قال عكرمة : جعل في كلّ بلد ما يقوم به معيشة أهله فالسابري بسابور ، والهروي بهراة ، والقراطيس بمصر. (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) قال محمد بن يزيد : أي ذا وذاك في أربعة أيام. وقال أبو إسحاق : أي في تمام أربعة أيام. (سَواءً) مصدر عند سيبويه أي استوت استواء. قال سيبويه : وقد قرئ (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) جعل سواء في موضع مستويات ، كما تقول : في أربعة أيام تمام أي تامة ، ومثله : رجل عدل أي عادل وسواء من نعت أيام ، وإن شئت من نعت أربعة. والقراءة بالخفض مرويّة عن الحسن ، وبالرفع عن أبي جعفر أي هي سواء. (لِلسَّائِلِينَ) فيه قولان : قال الضحاك : أي لمن سأل عن خلق هذا في كم كان هذا؟ والقول الآخر وقدّر فيها أقواتها للسائلين أي لجميع الخلق لأنّهم يسألون القوت.
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١)
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) قالوا : في يوم الخميس (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) وعن سعيد بن جبير أنه قرأ (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) أي أعطيا الطاعة. وقرأ (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١) ولم يقل : طائعات ففي هذا ثلاثة أجوبة للكسائي قال : يكون أتينا بمن فينا طائعين يكون لما خبّر عنهن بالإتيان أجرى عليهن ما يجري على من يعقل من الذكور ، والجواب الثالث أنه رأس آية.
(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (١٢)
(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) على قول من أنّث السماء ، ومن ذكّر قال : سبعة سموات فأما قول بعض أهل اللغة أنه ما جمع بالتاء فهو بغير هاء ، وإن كان الواحد
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٦٦ ، ومختصر ابن خالويه ١٣٣.