أعناقا يوم القيامة والمؤذّنون إذا خرجوا من قبورهم أذّنوا فنادوا بالأذان ، والمؤذنون لا يدوّدون في قبورهم. قال عكرمة : وقال عمر بن الخطاب رحمهالله قال : ما أبالي لو كنت مؤذّنا أن لا أحجّ ولا أعتمر ولا أجاهد في سبيل الله عزوجل ، قال : وقالت الملائكة عليهمالسلام لو كنّا نزولا في الأرض ما سبقنا إلى الأذان أحد ، وبإسناده عن عكرمة في قوله جلّ وعزّ : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) يعني المؤذنين (وَعَمِلَ صالِحاً) قال : صلّى وصام. قال يحيى بن سليمان : وحدّثنا جرير عن فضيل بن أبي رفيدة قال : قال لي عاصم بن هبيرة وكان من أصحاب ابن مسعود ، وكنت مؤذنا : إذا فرغت من الأذان وقلت لا إله إلّا الله فقل وأنا من المسلمين ثم قرأ هذه الآية : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). إنّني على الأصل ، ومن قال : «إنّي» حذف لاجتماع النونات ، والتقدير عند جماعة من أهل العربية : وقال إنني مسلم من المسلمين ، وكذا قال هشام في (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) أي ناصح من الناصحين. وقال بعض أهل النظر : دلّ هذا من قوله جلّ وعزّ أنه حسن أن يقول أنا مسلم بلا استثناء أي قد استسلمت لله جلّ وعزّ وقبلت أمره فحكم لي بأنّي مسلم.
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٣٤)
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) قال عطاء : الحسنة لا إله إلّا الله ، والسيئة الشّرك (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي بالحال التي هي أحسن (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). قال أبو زيد : «الحميم» عند العرب : القريب. وقال محمد بن يزيد : «الحميم» الخاص ومنه قول العرب عنده: الخاصة والعامة.
(وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (٣٥)
(وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) الكناية عن الحال وعن هذه الكلمة.
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦) وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) (٣٨)
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) في موضع جزم بالشرط ودخلت النون توكيدا. وقد ذكرنا (خَلَقَهُنَ) وعلى أي شيء يعود الضمير.
قال محمد بن يزيد : (يَسْأَمُونَ) يملّون ، وأنشد بيت زهير : [الطويل]