بمعنى إلّا و «ما» زائدة للتوكيد ، وعند بعض النحويين نكرة بمعنى شيء. (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) رفع بالابتداء والتقدير ثواب الآخرة عند ربّك للمتقين.
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (٣٦)
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) قال محمد بن يزيد : يعش يتعامى ، وأصله من الأعشى ، وهو الذي قد ركب بصره ضعف وظلمة. ومنه جاء فلان يعشو ، إذا جاءه ليلا لما يركب بصره من الظلمة. وقال غيره : عشي عن ذكر الرحمن لم ينتفع بالذكر كما أن الأعشى الذي لا يبصر في الضوء فهو لا ينتفع ببصره كما ينتفع غيره و (يَعْشُ) في موضع جزم بالشرط وعلامة الجزم فيه حذف الواو وهو مشتق من العشي إلّا أنه يقال : عشي يعشى إذا صار أعشى ، وعشا يعشو إذا لحقه ما يلحق الأعشى. وهو من ذوات الواو ، والياء في عشي منقلبة من واو ، وكذا الألف في عشا الذي هو مصدر. ولهذا قال النحويون : العشا في البصر يكتب بالألف والدليل على ذلك أنه يقال : امرأة عشواء. (نُقَيِّضْ لَهُ) جواب الشرط.
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٧)
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) محمول على المعنى لأن شيطانا يؤدّي عن معنى شياطين.
(حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) (٣٨)
(حَتَّى إِذا جاءَنا) قراءة نافع وعاصم وعبد الله بن عامر وهي البينة لأن الضمير يعود على «من» و «القرين» ، وقراءة أبي عمرو والكوفيين غير عاصم (حَتَّى إِذا جاءَنا) (١) وهو بمعنى ذلك أي حتّى إذا جاءنا هو وقرينه والعرب تحذف مثل هذا ، كما يقال : كحلت عيني ، يراد العينان. (قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) اسم «ليت» وهي ظرف ، كما يقال : يا ليت بيني وبينك بعدا. ويجوز بعد بمعنى ليت مقدار ذلك ، فإن قلت : ليت بيني وبينك متباعد رفعت.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (٣٩)
«أنّ» في موضع رفع أي لن ينفعكم اشتراككم لأنّ الإنسان في الدنيا إذا أصيب بمصيبة هو وغيره سهلت عليه بعض السهولة وتأسّى به فحرم الله جلّ وعزّ ذلك أهل النار.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٥٩ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٨٦.