(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (٨٠)
(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى) والكوفيون يقرءون (يَحْسَبُونَ) يقال : حسب يحسب وتحسب ، لغتان ، والقياس الفتح مثل حذر يحذر إلّا أن الكسر أكثر في كلام العرب. ويقال : إنّ لغة النبيّ صلىاللهعليهوسلم الكسر ، وفتحت «أن» لأنها في موضع اسم.
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (٨١)
إن جعلت «إن» للشرط فكان في موضع جزم وإن جعلتها بمعنى «ما» فلا موضع لكان. وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) قال : يقول : لم يكن للرحمن ولد. قال أبو جعفر : جعل «إن» بمعنى «ما» كما قال جلّ وعزّ: (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢٠] أي ما الكافرون إلّا في غرور.
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (٨٤)
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) قال أبو إسحاق : أي معبود في السماء ومعبود في الأرض. وفي حرف عبد الله وهو الذي في السماء الله وفي الأرض الله.
(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٨٦)
(إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) في موضع نصب على الاستثناء.
(وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٨٩)
(وَقِيلِهِ يا رَبِ) هذه قراءة (١) المدنيين وأبي عمرو والكسائي ، وقرأ الكوفيون غير الكسائي (وَقِيلِهِ) بالخفض ، وزعم هارون القارئ أنّ الأعرج قرأ (وَقِيلِهِ) بالرفع. قال أبو جعفر : (وَقِيلِهِ) بالنصب من خمسة أوجه : قال الأخفش سعيد : «وقيله» بالنصب من وجهين ؛ يكون بمعنى أم يحسبون أنا لا نسمع سرّهم ونجواهم وقيله ، الوجه الثاني : أن يكون مصدرا. وقال أبو إسحاق : المعنى وعنده علم الساعة ويعلم قيله لأن معنى وعنده علم الساعة ويعلم الساعة أي يعلم وقت الساعة وهو الغيب ويعلم قيله وهو الشهادة. والقول الرابع أن يكون المعنى إلّا من شهد بالحق وهم يعلمون الحقّ وقيله. والقول الخامس ورسلنا لديهم يكتبون ذلك وقيله. قال أبو إسحاق : والخفض بمعنى وعنده علم الساعة وعلم قيله. قال أبو جعفر : والرفع بالابتداء. قال
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٦٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٠.