غير أنهم كانوا جهلة لا يعلمون أن الآفات مقدّرة من الله عزوجل. وهذا أصحّ ما روي في الآية وأشبه بنسقها ، وقد قامت به الحجة بالظاهر ولأنه مرويّ عن ابن عباس أنّه قال في قوله جلّ وعزّ : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) قال : قالوا : لا نبعث ، بغير علم فقال الله جلّ وعزّ : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٥)
(ما كانَ حُجَّتَهُمْ) خبر كان. (إِلَّا أَنْ قالُوا) اسمها ، ويجوز «ما كان حجّتهم» بالرفع على أنه اسم كان ؛ لأن الحجّة والاحتجاج واحد ، ويكون الخبر (إِلَّا أَنْ قالُوا) أي إلّا مقالتهم.
(قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) حذفت الضمة من الياء لثقلها. (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عطف عليه وكذا (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ). (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) قيل : أي بمنزلة من لا يعلم ، وقيل : عليهم أن يعلموا.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) (٢٧)
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي فهو قادر على أن يحييكم. (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) ظرف منصوب بيخسر.
(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨)
(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ) على الابتداء ، وأجاز الكسائي «كلّ أمة» على التكرير على كلّ الأولى. وقد ذكرنا معنى (تُدْعى إِلى كِتابِهَا) وإنّ أولى ما قيل فيه أنه إلى ما كتب عليها من خير وشر ، كما روي عن ابن عباس : يعرض من خميس إلى خميس ما كتبته الملائكة عليهمالسلام على بني أدم فينسخ منه ما يجزى عليه من الخير والشر ويلغى سائره. فالمعنى على هذا كلّ أمة تدعى إلى ما كتب عليها وحصّل فتلزمه من طاعة أو معصية ، وإن كان كفرا أوقف عليه وأتبع ما كان يعبد ، كما قرئ على إسحاق بن إبراهيم بن يونس عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن سفيان بن عيينة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله هل نرى ربّنا جلّ وعزّ يوم القيامة فقال : «هل تضارّون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب» قالوا : لا. قال : «فهل تضارّون في الظّهيرة ليس دونها سحاب» قالوا : لا. قال : «فو الذي نفس محمّد بيده لترونّه كما ترونها» ، قال : «ويلقى العبد ربّه يوم القيامة ، فيقول : أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوّجك وأسخّر لك الخيل والإبل وأدرك ترأس وتربع فيقول : بل أي ربّ ، قال : فيقول هل كنت تعلم أنك ملاقيّ فيقول : لا يا ربّ فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يقول للثاني مثل ذلك فيقول له مثل ذلك ويردّ عليه مثل ذلك ، ثم يقول للثالث مثل ذلك فيقول : أي ربّ أمنت بك