و «اكتسبت» لا يكون إلا لشيء بعد شيء ، وهما عند آخرين لغتان بمعنى واحد ؛ كقوله عزوجل : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١).
قوله تعالى : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا) ، هذا تعليم من الله تعالى للخلق أن يقولوا ذلك ، قال ابن الأنباريّ : والمراد بالنّسيان هاهنا : التّرك مع العمد ، لأن النسيان الذي هو بمعنى الغفلة قد أمنت الآثام من جهته. والخطأ أيضا هاهنا من جهة العمد ، لا من جهة السّهو ، يقال : أخطأ الرجل : إذا تعمّد ، كما يقال : أخطأ إذا أغفل. وفي «الإصر» قولان : أحدهما ؛ أنه العهد ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحّاك ، والسّدّيّ. والثاني : الثّقل ، أي : لا تثقل علينا من الفروض ما ثقّلته على بني إسرائيل ، قاله ابن قتيبة. قوله تعالى : (وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ، فيه خمسة أقوال (٢) : أحدها : أنه ما يصعب ويشقّ من الأعمال ، قاله الضحّاك ، والسّدّيّ ، وابن زيد ، والجمهور. والثاني : أنه المحبّة ، رواه الثّوريّ عن منصور عن إبراهيم. والثالث : الغلمة (٣) ، قاله مكحول. والرابع : حديث النّفس ووساوسها. والخامس : عذاب النّار.
قوله تعالى : (أَنْتَ مَوْلانا) ، أي أنت وليّنا (فَانْصُرْنا) أي : أعنّا.
وكان معاذ إذا فرغ من هذه السّورة ، قال : آمين.
__________________
(١) الطارق : ١٧.
(٢) قال ابن كثير رحمهالله ١ / ٣٤٣ : وقوله (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) أي من التكليف والمصائب والبلاء لا تبتلنا بما لا قبل لنا به اه. قلت : فالقول الأول هو الصواب إن شاء الله تعالى.
(٣) في «اللسان» : الغلمة : هيجان شهوة النكاح من المرأة والرجل.