سورة آل عمران
(١٥٣) ذكر أهل التفسير أنها مدنيّة ، وأن صدرا من أوّلها نزل في وفد نجران ، قدموا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم في ستّين راكبا ، فيهم العاقب ، والسّيّد ، فخاصموه في عيسى ، فقالوا : إن لم يكن ولد الله ، فمن أبوه؟ فنزلت فيهم صدر (آل عمران) إلى بضع وثمانين آية منها.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣))
قوله تعالى : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) يعني : القرآن (بِالْحَقِ) يعني : العدل. (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتاب. وقيل : إنما قال في القرآن : «نزّل» بالتشديد ، وفي التوراة والإنجيل : أنزل ، لأنّ كل واحد منهما أنزل في مرّة واحدة ، وأنزل القرآن في مرّات كثيرة. فأمّا التّوراة. فذكر ابن قتيبة عن الفرّاء أنه يجعلها من : وري الزّند يري : إذا خرجت ناره ، وأوريته ، يريد أنها ضياء. قال ابن قتيبة : وفيه لغة أخرى : ورى يري ، ويقال : وريت بك زنادي. والإنجيل ، من نجلت الشيء : إذا أخرجته ، وولد الرجل : نجله ، كأنه هو استخرجه ، يقال : قبّح الله ناجليه ، أي : والديه ، وقيل للماء يظهر من البئر : نجل ، يقال : قد استنجل الوادي : إذا ظهر نزوزه. وإنجيل : افعيل من ذلك ، كأنّ الله أظهر به عافيا من الحق دارسا. قال شيخنا أبو منصور اللغويّ : والإنجيل : أعجميّ معرّب ، قال : وقال بعضهم : إن كان عربيا ، فاشتقاقه من النّجل ، وهو ظهور الماء على وجه الأرض ، واتّساعه ، ونجلت الشيء : إذا استخرجته وأظهرته ، فالإنجيل مستخرج به علوم وحكم ، وقيل : هو افعيل من النّجل وهو الأصل : فالإنجيل أصل لعلوم وحكم. وفي الفرقان هاهنا قولان : أحدهما : أنه القرآن ، قاله قتادة ، والجمهور. قال أبو عبيدة : سمّي القرآن فرقانا ، لأنه فرق بين الحق والباطل ، والمؤمن والكافر. والثاني : أنه الفصل بين الحق والباطل في أمر عيسى حين اختلفوا فيه ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ. وقال السّدّيّ : في الآية
____________________________________
(١٥٣) أخرجه الطبري ٦٥٤٠ وابن هشام في «السيرة» ٢ / ١٦٤ من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير. وكذا ابن كثير في «التفسير» ١ / ٣٧٦ من طريق ابن إسحاق وعزاه البغوي في «تفسيره» ٣٥٨ للكلبي والربيع بن أنس وغيرهما. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ١٩٠ نقلا عن المفسرين. وانظر دلائل النبوة للبيهقي ٥ / ٣٨٢ ـ ٣٨٤ وهذه المراسيل تتأيد بمجموعها.