و «يبشرك» بضم الياء : البشارة. ومعنى «يبشرك» بفتح الياء : يسرّك ويفرحك ، يقال : بشرت الرجل أبشره ، : إذا أفرحته ، وبشر الرجل يبشر : وأنشد الأخفش والكسائيّ :
وإذا لقيت الباهشين إلى النّدى |
|
غبرا أكفّهم بقاع ممحل |
فأعنهم وابشر بما بشروا به |
|
وإذا هم نزلوا بضنك فانزل (١) |
فهذا على بشر يبشر : إذا فرح. وأصل هذا كله أن بشرة الإنسان تنبسط عند السرور ، ومنه قولهم : يلقاني ببشر ، أي : بوجه منبسط.
وفي معنى تسميته «يحيى» خمسة أقوال : أحدها : لأن الله تعالى أحيا به عقر أمّه. قاله ابن عباس. والثاني : لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان. قاله قتادة. والثالث : لأنه أحياه بين شيخ وعجوز ، قاله مقاتل. والرابع : لأنه حييّ بالعلم والحكمة التي أوتيها ، قاله الزجّاج. والخامس : لأن الله أحياه بالطاعة ، فلم يعص ، ولم يهمّ ، قاله الحسن بن الفضل.
وفي «الكلمة» قولان : أحدهما : أنها عيسى ، وسمّي كلمة ، لأنه بالكلمة كان ، وهي «كن» وهذا قول ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة والسّدّيّ ، ومقاتل ، وقيل : إن يحيى كان أكبر من عيسى بستة أشهر ، وقتل يحيى قبل رفع عيسى. والثاني : أن الكلمة كتاب الله وآياته ، وهو قول أبي عبيدة في آخرين. ووجهه أن العرب تقول : أنشدني فلان كلمة ، أي : قصيدة.
وفي معنى السّيد ثمانية أقوال : أحدها : أنه الكريم على ربّه ، قاله ابن عباس ، ومجاهد. والثاني : أنه الحليم التّقيّ ، روي عن ابن عباس أيضا ، وبه قال الضّحّاك. والثالث : أنه الحكيم ، قاله الحسن وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء وأبو الشّعثاء والرّبيع ومقاتل. والرابع : أنه الفقيه العالم ، قاله سعيد بن المسيّب. والخامس : أنه التّقي ، رواه سالم عن ابن جبير. والسادس : أنه الحسن الخلق ، رواه أبو روق عن الضّحّاك. والسابع : أنه الشّريف ، قاله ابن زيد. والثامن : أنه الذي يفوق قومه في الخير ، قاله الزجّاج. وقال ابن الأنباريّ : السّيّد هاهنا الرّئيس ، والإمام في الخير.
فأما «الحصور» فقال ابن قتيبة : هو الذي لا يأتي النساء ، وهو فعول بمعنى مفعول ، كأنه محصور عنهنّ ، أي : محبوس عنهنّ. وأصل الحصر : الحبس. ومما جاء على «فعول» بمعنى «مفعول» : ركوب بمعنى مركوب ، وحلوب بمعنى محلوب ، وهيوب بمعنى مهيب ، واختلف المفسرون لما ذا كان لا يأتي النّساء؟ على أربعة أقوال : أحدها : أنه لم يكن له ما يأتي به النّساء.
(١٧٨) فروى عمرو بن العاص عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كلّ بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا
____________________________________
(١٧٨) ضعيف جدا ، والصحيح موقوف. أخرجه ابن أبي حاتم كما في ابن كثير ١ / ٣٦٩ من حديث عمرو بن العاص مرفوعا. وقال ابن كثير : هذا غريب جدا ، ثم كرره ابن أبي حاتم موقوفا وهو أصح من المرفوع وأخرجه من حديث أبي هريرة اه. قلت وفي إسناد حديث أبي هريرة حجاج بن سليمان قال أبو زرعة : منكر الحديث.
__________________
(١) البيتان لعبد قيس بن خفاف البرجمي كما ورد في «لسان العرب» مادة «بشر». وبشر الرجل : فرح. والبهش : المسارعة إلى أخذ الشيء ، ورجل باهش وبهوش. والقاع : الأرض الحرّة الطين التي لا يخالطها رمل فيشرب ماءها. الممحل : من المحل الجدب وهو انقطاع المطر ويبس الأرض.