ندمت على لسان كان منّي |
|
فليت بأنّه في جوف عكم (١) |
والعكم : العدل. ودلّ بقوله : كان منّي ، على أن اللسان الكلام. وأنشد ثعلب :
أتتني لسان بني عامر |
|
أحاديثها بعد قول نكر |
فأنّث لسان ، لأنه عنى الكلمة والرّسالة.
(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩))
قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ) ، في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(١٨٨) أحدها : أن قوما من رؤساء اليهود والنّصارى ، قالوا : يا محمّد أتريد أن نتّخذك ربّا؟ فقال : معاذ الله ، ما بذلك بعثني ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس.
(١٨٩) والثاني : أنّ رجلا قال للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : ألا نسجد لك؟ قال «لا ، فإنّه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله» فنزلت هذه الآية ، قاله الحسن البصريّ.
والثالث : أنها نزلت في نصارى نجران حيث عبدوا عيسى. قاله الضّحّاك ، ومقاتل.
وفيمن عنى ب «البشر» قولان : أحدهما : محمّد صلىاللهعليهوسلم. والكتاب : القرآن ، قاله ابن عباس ، وعطاء.
والثاني : عيسى ، والكتاب : الإنجيل ، قاله الضّحّاك ، ومقاتل. والحكم : الفقه والعلم ، قاله قتادة في آخرين. قال الزجّاج : ومعنى الآية لا يجتمع لرجل نبوّة ، والقول للناس : كونوا عبادا لي من دون الله ، لأن الله لا يصطفي الكذبة. قوله تعالى : (وَلكِنْ كُونُوا) أي : ولكن يقول لهم : كونوا ، فحذف القول لدلالة الكلام عليه.
فأما الرّبّانيّون ، فروي عن علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : هم الذين يغذّون الناس بالحكمة ، ويربّونهم عليها. وقال ابن عباس ، وابن جبير : هم الفقهاء المعلّمون. وقال قتادة ، وعطاء : هم الفقهاء العلماء الحكماء. قال ابن قتيبة : واحدهم ربّاني ، وهم العلماء المعلّمون. وقال أبو عبيد : أحسب الكلمة ليست بعربية ، إنما هي عبرانية ، أو سريانيّة ، وذلك أن عبيدة زعم أن العرب لا تعرف الرّبّانيين. وقال أبو عبيد : وإنما عرفها الفقهاء ، وأهل العلم ، قال : وسمعت رجلا عالما بالكتب يقول : هم العلماء
____________________________________
(١٨٨) ضعيف. أخرجه الطبري ٧٢٩٤ والبيهقي في «الدلائل» ٥ / ٣٨٤ من حديث ابن عباس وفيه محمد بن أبي محمد ، وهو مجهول. وعزاه السيوطي في «الدر» ٢ / ٨٢ لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في الدلائل.
(١٨٩) ضعيف جدا. عزاه المصنف للحسن ، وهذا مرسل ، ومراسيل الحسن واهية. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٢٣ وعزاه السيوطي في «الدر» ٢ / ٨٢ (آل عمران : ٨٠) لعبد بن حميد عن الحسن.
ـ تنبيه : والمرفوع منه صحيح ، له شواهد ، والوهن فقط في ذكر نزول الآية. والمرفوع سيأتي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في «اللسان» عكم : داخل الجنب على المثل بالعكم ، وهو النّمط تجعله المرأة كالوعاء تدخر فيه متاعها.