والمنافقون هم أخبث داء وأقتله ، إذا تسلّطوا على مجتمع ، وأوجدوا لأنفسهم مكانا فيه ..
ولقد ابتلى المسلمون ـ شأنهم شأن كل مجتمع ـ بالنفاق وبالمنافقين ، الذين كانوا عدوا خفيا ، يظاهر العدوّ الظاهر ، الذي يلقاه المسلمون فى ميدان القتال!
وإذا كانت سيوف المسلمين قد عرفت طريقها إلى رقاب المشركين والكافرين ، وأخذت بحقّها منهم ، فإن أمر المسلمين مع المنافقين كان على خلاف .. حيث يظهر فيهم المنافق بأكثر من وجه ، فلا يدرون على أي وجه يتعاملون معه ، ولا على أي وجه يأخذونه .. فهو مسلم فى ظاهره .. مشرك ، أو كافر ، فى باطنه ..!
وإذا أتيح للمسلمين أن يروا من المنافق هذا الظاهر الذي يعيش فيه معهم ، فمن لهم بأن يروا منه هذا الباطن الذي لا يعلمه إلا علام الغيوب؟
وهنا موطن الحدس ، والتأويل ، ومكمن الخطر والحرج!!
وفى عهد النبوة كشف الله سبحانه للنبى وللمسلمين عن كثير من المنافقين ، وفضح لهم باطنهم ، وعرضهم على الملأ عرضا فاضحا ، بأعيانهم ، وأسمائهم .. فلم يكن أمرهم بعد هذا خافيا على أحد .. ولكن مع هذا ظل بعض المسلمين مترددا فى كثير منهم ، لما يبدو على ظاهرهم من سراب خادع ، من الصلاح الزائف ، والتقوى ، الكاذبة ..
فجاء قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ)؟ قاضيا على هذا التردد ، قاطعا كل شك .. فلا ينبغى بعد هذا أن يكون المؤمنون على رأيين فى المنافقين ، وإنما هو رأى واحد لا خلاف عليه .. وهو أن هؤلاء المنافقين ، منافقون ،