الأمرين ويبقى الآخر؟ فأية قوة خارقة تدخل على هذا الفعل ، فتفلت من سلطانه أحد الأمرين وتستبقى الآخر ..؟
استمع إلى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ .. وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ).
فإن النهى عن مقاربة الصلاة تسلّط على حالين ، حال السكر ، وحال الجنابة .. وقد نصب قوله تعالى : (وَلا جُنُباً) بالعطف على قوله سبحانه : (وَأَنْتُمْ سُكارى) الذي هو جملة حالية فى محل نصب.
فكيف ينسخ النهى عن مقاربة الصلاة حال السكر ، ولا ينسخ النهى عن مقاربتها حال الجنابة ، والفعل مسلط عليهما معا؟
وندع هذا ، ففيه مجال للقول والجدل ..
ونسأل : هل إذا أمر المسلمون بأمر إلهى ، استجابوا له ، واستقاموا عليه والتزموه؟ ..
المفروض هو هذا ، والمطلوب هو هذا أيضا ..
ولكن المفروض شىء ، والواقع شىء .. والمطلوب شىء ، والوفاء به شىء آخر ..
إن من شأن الناس ألا يكونوا على حال واحدة أبدا .. ففيهم المطيع ، وفيهم العاصي ، ومنهم المستقيم ، وكثير منهم المعوجّ .. (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (٢ : التغابن) ..
(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) (١٠٣ : يوسف).