هكذا هم الناس .. بل هكذا هو الإنسان .. يستقيم وينحرف ، ويطيع ويعصى. ومن أجل هذا قام شرع الله ، وقامت حدود الله ، وكان الثواب ، وكان العقاب!
فالمسلمون إذا نهوا عن الخمر ، مثلا ، كان واجبا عليهم أن يمتثلوا أمر الله ، وأن ينتهوا عما نهوا عنه .. ولكن الواجب ـ كما قلنا ـ شىء ، والوفاء به شىء آخر ..
وقد شرب كثير من المسلمين الخمر ، حتى فى الصدر الأول للإسلام ، وفى عهد الخلافة الراشدة .. وقصة أبى محجن الثقفي المجاهد فى جيش سعد بن أبى وقاص معروفة .. فقد ضبط متلبسا بشربها ، وأقام عليه سعد الحدّ أكثر من مرة .. ثم حبسه ، ووضع القيد فى رجله .. ثم التحم المسلمون مع الروم فى معركة كاد يهزم فيها المسلمون ، وعند ما رأى أبو محجن من محبسه أن الدائرة ستدور على المسلمين ، احتال حتى خرج من محبسه وفك من قيوده ، وركب فرس سعد ، وقاتل قتالا مستبسلا عرفه له كل من شهد المعركة ، وإن لم يعرف شخصه .. وانتهت الموقعة بانتصار المسلمين ، كما انتهت بانتهاء أبى محجن عن شرب الخمر!!
والأمر لا يحتاج فى هذا إلى شواهد .. فإن هذا المنكر ـ أي الخمر ـ لم يعتزله المسلمون جميعا ، بل كان منهم فى كل عصر ، وفى كل بلد ، من يشرب الخمر وتأخذه سكرتها ، ويغشاه خمارها ، حتى لا يكاد يفيق!
ونعم ، الخمر كبيرة ، بل وكبيرة الكبائر .. آثم من يلمّ بها ، أو يعاقرها! هذا حكم لا خلاف فيه بين المسلمين ..
ولكن ما حكم من يشرب الخمر من المسلمين ، ثم يريد أن يؤدّى «الصلاة»؟ أتحرم عليه الصلاة ، ويحال بينه وبينها!