فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٤١)
____________________________________
التفسير : هذا عزاء وتسرية للرّسول الكريم ، عن هذا الحزن الذي كان يقع فى نفسه من أولئك الذين يتخذون دين الله لعبا ولهوا ، يلبسه أحدهم كما يلبس الثوب ، يستر به جسده من لفح الزمهرير ، أو وهج الحرور ، فإذا أمن الحرّ أو البرد ، طرحه ، وبدا للناس عاريا.
إن هؤلاء المتلاعبين بالدين لم يعرفوا حقيقة الإيمان ، ولم يعتقدوه عقيدة ، تستولى على قلوبهم ، وتختلط بمشاعرهم .. ومن هنا كان استخفافهم به ، وتحولهم عنه ، إذا أوذوا فى أموالهم أو فى أنفسهم ، أو إذا لاح لهم فى أفق آخر لمعة سراب لعرض زائل من عروض الدنيا.
ومثل هذا الإيمان لا وزن له ، والمؤمنون إيمانا كهذا الإيمان لا حساب لهم فى المؤمنين .. إن ضررهم أكثر من نفعهم ، وخروجهم من الإيمان خير من دخولهم فيه ..
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) هو كما قلنا عزاء وتسريه للرسول ، كما أنه تهوين لشأن هؤلاء الذين دخلوا فى الإسلام بكلمة ألقوها على أفواههم ، ثم خرجوا منه بكلمة قذفوا بها من أفواههم .. فخسارة الإسلام فيهم ـ إن بدت فى ظاهر الأمر خسارة ـ ليست فى حقيقتها إلا كسبا للإسلام وللمسلمين ، إذ قطعت هذه الأعضاء الفاسدة من جسد المجتمع الإسلامى ، وعزلت عنه هذا