وفى قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) .. هو بيان للمرحلة الرابعة ، التي يقطعها الزوج مع الزوجة المستعصية على العلاج.
وذلك أنه إذا انتهت المراحل الثلاث ، دون أن ينصلح أمر المرأة ، أصبح الأمر بين الزوجين مؤذنا بالفراق ، الذي يحسم ما نشأ بينهما من اختلاف وفرقة ..
ويجىء التدبير السماوي قبل عملية البتر هذه ، فيستدعى اثنين من أهل الخير ، أحدهما من قبل الزوجة ، والآخر من جهة الزوج ، ليكون لهما نظر وراء نظر كل من المرأة والرجل ، وليدرسا أسباب الخلاف بينهما ، وليتعرفا على موطن الداء لهذا الخلاف .. وقد يريان الداء ، ويجدان له الدواء .. وبهذا يعدل عن عملية البتر هذه ، ويعود للحياة الزوجية صفاؤها وإشراقها .. وإلا كان البتر هو الدواء لهذا الداء ..
وفى قوله تعالى : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) إيقاظ لمشاعر الخير والإحسان فى الحكمين ، ليكونا رسولى سلام ، فى هذه السفارة التي ندبهما الله سبحانه وتعالى لها .. فإنهما إن ابتغيا الخير ، وأرادا الإصلاح ، كان لهما من الله عون وتوفيق ، فيلتقيان على ما يصلح أمر الزوجين ويمسك عليهما ذلك الرباط الوثيق الذي وثقه الله بينهما.
وانظر فى رعاية الله سبحانه وتعالى لرباط الزوجية ، وتقديره لها .. وكيف جاءت الشريعة الإسلامية بأكثر من دواء ، لما يدبّ بين الزوجين من خلاف .. حتى فى الأحوال التي يستفحل فيها الداء ، ويكون اليأس أقرب من الأمل فى شفائه!
وانظر كيف يقع «الطلاق» بعد هذه المرحلة الطويلة ، من احتمال الداء