وذلك الجبن ، الذي قطع أواصر الأخوّة والتناصر بينه وبين أصحابه .. فما على هذا الأسلوب الخسيس تقوم الصحبة بين الجماعة ، التي من شأنها أن تتقاسم السرّاء والضرّاء ، وأن تذوق الحلو والمرّ .. أمّا أن تقف لتتحيّن الفرصة لتشارك فى السّرّاء ، ولا تشارك فى الضراء ، فذلك هو اللؤم الدنيء الذي تترفع عنه أدنى الحيوانات ، التي إذا هاجمها عدوّ ، لقيته يدا واحدة ، وقوة مجتمعة!
____________________________________
الآية : (٧٤)
(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٧٤)
____________________________________
التفسير : ذلك هو القتال فى سبيل الله ، لا يخفّ إليه ، ولا يندرج به فى جماعة المجاهدين ، إلا من وطّن نفسه على احتمال تبعاته ، وقدّر الموت قبل أن يقدر الحياة ، وشرى الحياة الدنيا بالآخرة .. فذلك هو الذي يحتسب له أجر المجاهدين عند الله ، إن سلم ، أو عطب ، لأنه بايع الله ، ووفّى بما عاهد الله عليه ، ووقع أجره على الله ، وهو نيّة الجهاد ، وعلى طريق المجاهدين ، وإن لم يلتحم فى معركة ، أو يشارك فى قتال .. إن ذلك المجاهد هو الذي يدعى للجهاد ، ويقبل فى صفوف المجاهدين .. أما أولئك المترددون ، الذين يأخذون الجانب الهيّن اللّين من كل أمر ، فلا مكان لهم فى هذا المقام الكريم ، الذي هو مقام الرجال!!
قوله تعالى : (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) بيان كاشف لموقف المجاهد ، ومكانته عند الله .. فهو فى إحدى منزلتين : إما أن يقتل ، فيحسب فى عداد الشهداء ، وإما أن يغلب