إبراهيم ، واستجابة لدعوته في قوله : (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ) .. وكأن الجواب : هذه هي الجنة قد أزلفت لك وللمتقين ، فتبوأ منها حيث تشاء ..
وأما أهل الشقاء ، والضلال ، فها هي ذى الجحيم تبرز لهم ، أي تطلع عليهم ، ويحيط بهم سرادقها .. ثم يقال لهم : أين ما كنتم تعبدون من دون الله؟ أين هم؟ وما حيلتهم لكم في هذا البلاء الذي تساقون إليه؟ (هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ)؟ وهل يمدّون إليكم يدا تخرجكم مما أنتم فيه؟ (أَوْ يَنْتَصِرُونَ) هم لأنفسهم ، إذا وقعوا فيما أنتم فيه من مهالك؟ لقد تقطع بينكم ، وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون! وإذن فإلى مصيركم المشئوم : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٧ ـ ٨ : الطور).
(فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ).
والكبكبة : أصلها الكبّ ، وهو إلقاء الشيء على وجهه ، والكبكبة : تدهور الشيء وسقوطه في هوّة ، حيث يكبّ مرة ومرة ومرات.
ثم إذ تجتمع هذه الأخلاط من الضلال بعضها إلى بعض ، تتصارع وتتناهش كما تتناهش الحيات ، يسوقها سائق عنيف إلى جحر واحد! وفي هذا الجحر الضيق الخائق ، يكثر اللدغ والنّهش ، ويعلو الصّراخ والعويل! (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٥ : العنكبوت).
____________________________________
الآيات : (١٠٥ ـ ١٢٢)
(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى