جاءوا إلى هذا النسج المتين المتلاحم ، فجعلوه أمزاقا ، ثم وصلوا تلك الأمزاق بعضها ببعض ، فكشف ذلك عن جنايتهم ، وفضح مكرهم وسوء تدبيرهم ..
إنهم ينقلون الأخبار الصحيحة ، ويعمدون إلى الحقائق الثابتة من أوثق المصادر الإسلامية ، ثم يتناولونها كما يتناول الحيوان فريسته ، بمخالبه وأنيابه حتى إذا أسالوا دمها ، وأخمدوا أنفاسها ، ومزقوا أشلاءها ـ حاولوا أن يجمعوا من أشلاء هذه الحقائق الممزقة المتناثرة كائنا آخر ، هو هذا الباطل ، الذي يريدون أن يقيموه مقام الحق ..
وهم ـ هنا ـ فى حقيقة الوحى ، يعمدون إلى الأحاديث المروية عن الرسول ، والأخبار المشاهدة من أحواله مع الوحى ثم يصوّبون إلى هذه الأحاديث وتلك الأخبار ، سهاما مسمومة ، يحرفون بها الكلم عن مواضعه ، ليفسحوا لباطلهم ، مكانا يشوّه الحق ، ويشوش عليه ..
فمن الأحاديث المروية عن الوحى وكيف كان ينزل على النبي ، ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن السيدة عائشة ، أن الحارث بن هشام ، سأل النبي صلىاللهعليهوآله : كيف يأتيك الوحى؟ فقال : «أحيانا يأتينى في مثل صلصلة الجرس ، وهو أشدّه على ، ثم يفصم عنى وقد وعيته .. وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا ، فيكلمنى ، فأعى ما يقول»
ومن ذلك ما يروى عن السيدة عائشة أيضا أنها كانت تقول : «إن كان لينزل ـ أي الوحى ـ على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فى الغداة الباردة ثم تفيض جبهته عرقا»
ومن ذلك ما يروى عن عبادة بن الصامت ، أنه قال : «كان نبى الله