به ، ولم يتحولوا عن موقفهم الضال الذي هم عليه ـ أخذهم الله بالعذاب المقدر لهم .. وقد رأى المشركون في القصص الذي قصه الله عليهم ، لسبعة أنبياء كرام ، ما حل بالمخالفين لكل نبى ، من بلاء ونكال ، كما يقول سبحانه : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ .. فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً .. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ .. وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا .. وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٤٠ : العنكبوت)
وهؤلاء المشركون ، قد أنذروا ، كما أنذر هؤلاء المكذبون المهلكون قبلهم .. وإنهم بهذا الإنذار ليقفون على حافة الهوة التي تردّى منها المكذبون إلى العذاب ، ويردون المورد الذي ذاقوا منه البلاء ، وكانوا في الهالكين!! فماذا ينتظر هؤلاء المشركون بعد هذا؟ إنه لا شىء غير العذاب .. فإذا لم يحل بهم في مصبحهم أو ممساهم ، فذلك من إكرام الله سبحانه لنبيه الكريم ، ومنزلته عنده .. أما إذا أهلكوا فإنما يهلكون بذنوبهم .. (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ..
وقوله تعالى : (ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ) هو خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره ، هو ذكرى .. أي هذا الذي نقدمه بين يدى الإهلاك من نذر ، هو ذكرى ، لما في الناس من فطرة تدعوهم إلى الإيمان بالله .. فهذا الإنذار بالرسل ، هو إيقاظ لهذه الفطرة الغافية ، أو الغافلة ، وتنبيه لها ، وتذكير!
وقوله تعالى : (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) هو جملة حالية ، لبيان فضل الله على الناس ، وأنه سبحانه ، قد أقام في كيانهم رسلا تهديهم إلى الله ، وتكشف لهم الطريق إليه ، وهي هذه الفطر ، وتلك العقول .. وأنه سبحانه لو أهلك الكافرين منهم ، لكان ذلك جزاءا وفاقا لهم ، على هذا الانحراف ، الذي