أن يرتقوا هذا المرتقى ، وأن يبلغوا تلك المنزلة .. إنهم معزولون عن أن يسمعوا شيئا مما في الملأ الأعلى .. إذا أن بينهم وبين ملائكة الرحمن حجازا ، كما أن بين الناس وبين الشياطين حجابا .. فكلّ يعيش في عالم ، دون أن ينفذ الى العالم والآخر ..
قوله تعالى :
(فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ).
هو تهديد للمشركين ، بهذا الوعيد الموجّه إلى النبيّ في مواجهتهم .. فالنبيّ الذي يعرف المشركون ـ كما يقول لهم ـ هذه الصلة التي بينه وبين ربه ، يتلقى هذا التهديد ، إذا هو دعا مع الله إلها آخر ، كما يفعل هؤلاء المشركون ـ فكيف يكون حال غيره ممن ليس لهم عند الله هذا المقام الذي له؟
فليس المراد بهذا النهى ، وبهذا الوعيد ، النبيّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إذ كان أبعد الناس من أن يطوف به طائف من الشرك بالله .. ولكن ذلك للتعريض ، بالمشركين ، والتلويح لهم بهذا العذاب الراصد لكل من يشرك بالله ، ولو كان من أقرب المقرّبين إلى الله ..!
قوله تعالى :
(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).
هو دعوة إلى هؤلاء المشركين ، الذين انكشف لهم حالهم ، وهم في مواجهة هذا العذاب ، الذي يتهدّد به الله كلّ من يشرك به ..
فهذه الدعوة إلى إنذارهم وتخويفهم من عذاب الله ، تلقاهم وهم يتحسّسون أنفسهم ، ليجلوا عنها هذا الشرك ، الذي يوقعهم في العذاب الأليم.