أذلك لأن اختلاف الحروف المقطعة التي بدئت بهما السورتان ، اقتضى هذه المغايرة في نظم الكلمات المشتركة بينهما ..؟
فكان من المناسب للحرفين : الطاء والسين ، أن يجىء بعدهما .. «تلك آيات وقرآن وكتاب مبين» كما كان من المناسب للأحرف : ألف ، لام ، راء ، أن يجىء بعدها .. (لْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ)؟
قد يكون هذا ، ولكن لا مفهوم له عندنا ، مادمنا عاجزين عن فهم الدلالة القاطعة لهذه الحروف المقطعة.!
والذي يبدو لنا وراء هذا السر المختفى ، الذي لا سبيل إليه ، والذي ندع تأويله للراسخين في العلم ـ هو أن الآيتين تصوران صورة واحدة ـ للقران الكريم ..
فالقرآن ، والكتاب ، آيات .. مقروءة ، أو مكتوبة ..
والقرآن .. هو كتاب مبين .. وقرآن مبين ..
وهذا يعنى أن القرآن يجب أن يدوّن ، ويكتب في صحف ، احتفاء به ، وحرصا عليه ..
وهذا يعنى أيضا ، أن هذا الكتاب الذي تدوّن فيه آيات الله ، ينبغى أن يقرأ ، ويتعبد بقراءته .. وأنه ليس الغرض من كتابته مجرد الكتابة للصيانة والحفظ ، وإنما ليكون بموضع أنظار المسلمين في كل وقت.
وهذا يعنى مرة ثالثة .. ألا يقف القارئون لآيات القرآن ، أو المرتلون لها ، عند حدود القراءة أو الترتيل ، بل يجب أن يفقهوا آياته ، وأن يتدبروا كلماته ، وأن يلتسموا عندها البيان لكل ما خفى عنهم ، سواء كانوا قارئين أو مرتلين .. فآياته بينة لمن يقرأ أو يرتل .. إنه قرآن مبين ، وكتاب مبين .. فمن لم يجد