وعناده ، وضلاله ، وما انتهى إليه أمره ، من الهلاك غرقا ـ يعرضه في مواجهة المشركين من قريش ، وفي المواقف التي يكشف فيها القرآن عن عنادهم وضلالهم ، حيث يلقاهم بهذا العرض الكاشف لفرعون ، وموقفه من آيات الله وما أخذه الله من نكال ، وما ينتظرهم ، هم ، من بلاء وعذاب ، قد رأوه فيمن كذبوا بآيات الله وعصوا رسله ..!
فهذا موسى رسول الله ، قد آتاه الله كتابا من عنده ، وشد أزره بأخيه هرون ، حتى يلقى فرعون ويبلغه رسالة ربّه .. ولكن فرعون أبى واستكبر ، وكذّب بآيات الله التي طلع بها موسى عليه ، وهي آيات مادية محسوسة ، كتلك الآيات التي يقترحها المشركون على النبيّ ، ويجعلونها شرطا لازما لتصديقهم به .. وما موقف القوم إزاء هذه الآيات بأحسن من موقف فرعون .. إنهم لن يؤمنوا بها ، وسيكون لهم فيها مقال ، كما كان لفرعون فيها مقال! وكذلك شأن الظالمين جميعا مع آيات الله .. إنهم على موقف سواء إزاءها ، هو الاتهام والتكذيب!
وفي كلمات معدودات ، تعرض قصة موسى مع فرعون ، هذا العرض الذي يمسك بالصميم منها : (اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً)
وفي هذا ما يسأل عنه :
ـ كيف يوصف فرعون وقومه بأنهم كذبوا بآيات الله ، ولم يكن موسى قد التقى بهم ، وعرض عليهم آيات الله .. والله سبحانه يقول : (اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا)؟
والجواب ، هو أن فرعون لم يؤمن بآيات الله المبثوثة في هذا الوجود ، وهي آيات تتمثل له في كل شىء .. فى نفسه ، وفي عالم الجماد والنبات والحيوان.