وفي الحديث عن نفسه «بنا» الدالة على الجمع ، فى قوله «علمنا» .. «وأوتينا» .. هو دعوة إلى الناس ، أن يشاركوا معه في هذا التحدث بنعمة الله ، والاستعراض لأفضاله ، فما هو إلا واحد من هؤلاء الناس ، وما الفضل الذي فضل الله به عليه ، إلا فضل يأخذ منه الناس حظهم ، فلا يختص به نفسه ، وإنما هم شركاء له ، فيما يعود عليه من هذا العلم لمنطق الطير ، ولهذه النعم التي أوتى منها كل شىء! .. وهكذا شأن أهل العلم ، وأرباب الجاه والسلطان من عباد الله .. إن ما يفتح الله عليهم به من علم ، وما يمكّن لهم به من جاه وسلطان في هذا الوجود ، هو خير متاح للناس جميعا ، وتمكين لخلافتهم على هذه الأرض ..
ـ وقوله تعالى : (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي أوتينا من كل شىء من أشياء هذه الدنيا مما ينصلح به أمرنا ، ويقوم عليه وجودنا ، وسلطاننا .. فهو لم يؤت كل شىء ، وإنما أوتى شيئا من كل شىء هو في حاجة إليه ..
قوله تعالى :
(وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ .. فَهُمْ يُوزَعُونَ) الحشر : الجمع والحشد ..
يوزعون : من الوزع ، وهو السوق ، والدفع ، بفعل قوة خارجة ، أو طبيعة غالبة ..
وقد ذكر من جنود سليمان هنا : الجن ، والإنس ، والطير .. إذ كانت هى القوى العاملة معه في دولته ..
فالجن كانوا مسخرين له ، فى عمل ما يريد منهم .. (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (١٣ : سبأ).