إلى مالله سبحانه وتعالى من علم ، وهذا ما يدل عليه تنكير كلمة «علم» .. فهو علم قليل قليل ، مما عند الله من علم ..
وفي قوله تعالى : (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) ـ إشارة أخرى إلى أن العلم الذي كان عندهما ، هو وإن علوا به عن كثير من عباد الله ، فإن في عباد الله من أوتى علما أكثر من علمهما .. فهما أكثر من كثير من الناس علما ، وأقل من بعض الناس علما ..
والله سبحانه وتعالى يقول : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (٧٦ : يوسف) وبهذه النظرة كانا ينظران إلى علمهما ، وأنهما لم يستوليا على غاية العلم ، مما هو متاح للناس ، وإنما أخذا حظا كبيرا من هذا العلم.
قوله تعالى :
(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ، وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ).
ميراث سليمان لداود ، هو وراثة الملك من بعده ، دون إخوته .. ثم اختياره للنبوة ، فى قومه ، كما كان أبوه نبيا فيهم .. فالملك وراثة ، والنبوة اصطفاء ، لا ميراث. وقد جمعهما الله سبحانه لسليمان ، كما جمعهما لداود .. فتلقى سليمان من الله ما كان لداود من ملك ونبوة ، وكان بهذا قد ورث أباه فى كل ما كان له من ملك ونبوة.
وقوله تعالى : (وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) .. هو تحدث بنعمة الله عليه ، واستعراض لهذه النعم التي أسبغها الله عليه ، ليكون في ذلك داعية له إلى القيام بشكرها ، ورعايتها حق الرعاية.