معلومين قد ذهبت آثارهم ، وبين معلومين قد بقيت من آثارهم بقية ، هى أطلال دائرة ، يمرّ عليها المشركون!
قوله تعالى :
(وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً).
أي وكلّ قوم من هؤلاء الأقوام الذين أهلكهم الله ، ودمدم عليهم ـ قد ضرب الله لهم الأمثال ، وأراهم العبر فيمن سبقهم من الهالكين ، حيث ذكّرهم بهم ، وبما كان منهم من ضلال وعناد ، وما أثمر لهم هذا الضلال وذلك العناد من ثمر نكد .. هو «التتبير» أي الهلاك والعذاب.
قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ .. أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها؟ بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً).
أتوا : أي مرّوا ، ووقفوا على هذه القرية .. والضمير ، يعود إلى المشركين من أهل مكة .. والقرية التي أمطرت مطر السوء : هى قرية لوط .. فقد أهلكها الله سبحانه ، بما صبّ عليها من حجارة من سجيل ، كما يقول سبحانه وتعالى : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (٨٢ : هود).
والمعنى : أن هؤلاء المشركين ، قد مرّوا على هذه القرية ، قرية لوط ، وهم في تجارتهم إلى الشام ، ورأوا من آثار هذه القرية ما يحدّث عن مصارع أهلها ..
وفي قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها؟) استفهام يراد به التقريع والتوبيخ. فهم كانوا يرون هذه الآثار ، وما تنطق به ، ولكنهم كانوا ينظرون بأبصار