من الإنس ، وينسبون إلى على كرم الله وجهه أنه سئل عنها فقال : «أما والله إنها ليست بدابة لها ذنب ، ولكن لها لحية (١)»! ويقولون : إنها الحية التي كانت في جوف الكعبة وخطفتها العقاب حين أرادت قريش بناء البيت الحرام .. ويقولون رأسها رأس ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن أيل (٢) ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هرة ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير .. بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا .. ويزيد ابن جرير على ذلك ، أنها بذراع آدم عليهالسلام ..!!
وهكذا تجمع في الدابة جميع الحيوانات ، ومختلف الدواب!
ويروى عن أبى هريرة أن فيها من كل لون ، وما بين قرنيها فرسخ للراكب ..
ويروى عن ابن عباس أن لها عنقا مشرفا ، يراها من بالشرق ، كما يراها من بالغرب! ..
وعشرات من الأخبار ، والأحاديث ، غير هذا ، بحيث يجتمع منها متحف ، يضم أروع وأعجب ما وقع عليه الخيال.
وهذه المقولات في كثرتها ، وتناقضها ، توقع الحيرة والبلبال ، فما يدرى المرء ماذا يأخذ منها ، وماذا يدع؟ ولو أنه اقتصر منها على مقولة واحدة ، مهما كانت غرابتها ، وإغراقها في الخيال ـ لكان ذلك ـ على ما فيه ـ أقرب
__________________
(١) أي أنها إنسان .. إذ أن من شأن الإنسان أن تكون له لحية.
(٢) الأيل : بفتح الهمزة ، وضمها ، وتشديد الياء ، حيوان من ذوات الظلف أشبه بالثور وله قرون طويلة متشعبة ، وجمعه أيايل.