جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)
الرّهب : الخوف .. والجناح : اليد ، كلها ، بالكفّ والساعد ، والعضد.
والمراد بضم الجناح ، إلصاقه بالجنب .. كما يفعل الخائف فيشد من عزمه ، ويمسك نفسه .. والمراد بهذا أن يأخذ موسى هذا الوضع حين يخرج يده من جيبه في موقفه مع فرعون .. وفي هذا ما يدفع الخوف عن موسى ، وهو يواجه فرعون في هذا الموقف الرهيب!
قوله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ .. إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ).
ذان : مثنى ذا ، أي هذان برهانان من ربك إلى فرعون وملائه ، وهذا البرهانان هما : العصا ، واليد ..
وقد كان مع موسى غير هذين البرهانين ، سبع آيات أخرى ، هى الجراد والقمّل ، والضفادع ، والدم ، والجدب ، والطوفان ، ونقص الأموال والأنفس والثمرات ..
وخصّ البرهانان هنا ـ وهما العصا واليد ـ خصا بالذكر ، لأنهما الآيتان اللتان يلقى بهما موسى فرعون وحاشيته أول الأمر ، ويتحدّى بهما تكذيب فرعون له .. ولهذا كانت المعركة المتحدية بين موسى وفرعون في لقاء العصا بالسحرة الذين جمعهم فرعون لموسى .. أما الآيات الأخرى فقد كانت بلاء متحدّيا لفرعون وقومه جميعا .. ولعلّ هذا ـ والله أعلم ـ هو السرّ في اختلاف النظم هنا في قوله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) وما جاء في سورة النمل في قوله تعالى : (فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) .. (١٢) فالملأ هم الحاشية ، والقوم هم المجتمع كله.