قوله تعالى :
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
الاستجابة هنا مرادة لأمرين : أن يأتى المشركون بكتاب من عند الله ، هو أهدى من الكتابين المنزلين من الله ، فيتبعهم النبيّ ، أو أن يظهر عجزهم ، فيؤمنوا بهذا الكتاب الذي يتلوه الرسول عليهم ، ويدخلوا في دين الله ..
فإن لم يستجيبوا ، ولم يؤمنوا بالله وبرسوله ، وبكتاب الله ، فليس لهم وجهة إلا أن يضلّوا ، ويتبعوا أهواءهم الفاسدة .. فليعلم الرسول هذا ، وليقم موقفه منهم على هذا التقدير.
ـ وقوله تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) هو تأكيد لضلال هؤلاء المشركين ، وأنهم إنما ينقادون لأهوائهم ، انقياد الكلب لصاحبه .. وأهواؤهم ضالة فاسدة ، لا تقود إلا إلى ضلال وفساد! والاستفهام هنا بمعنى النفي .. والتقدير : أنه لا أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله
والسؤال هنا : ما السرّ في تقييد الهوى المضلّ بهذا الوصف ، وهو أنه بغير هدى من الله؟ وهل يكون هناك هوى معه هدى من الله؟
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ أن الهوى مضلّة أبدا ، وأن الإنسان حيث يتبع هواه ، فهو على ضلال ، كما يقول سبحانه في ذمّ المشركين : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) (٢٣ : النجم).
وكما يقول سبحانه : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) (١٤ : محمد).