لهم حجة يقضون بها على هذه الآيات ، ولا يكون لمحمد إلّا أن يتّبع هذا النور الذي يغطى على نور هذه الآيات!
وفي قوله «من عند الله». إشارة إلى أن هذه الآيات التي مع موسى ، ومع محمد ، هى من عند الله ، وليس في هذا قيد يتقيد به المشركون المطالبون بالإتيان بما هو أهدى من آيات موسى ومحمد ، بل إن لهم أن يأتوا بالكتاب المقترح عليهم ، من أي مورد يردونه ، على شريطة أن يكون أهدى مما هو معروض عليهم من آيات الله تلك! وإنما قوله «من عند الله» هو تقرير لحقيقة واقعة ، وهي أن ما يأتى به الرسل ، هو من عند الله ، فتلك هي الحقيقة ، وهو ما يصرح به الرسل أنفسهم ، فى مواجهة أقوامهم .. فهو تحد لهم بأن يتصلوا بالله ، ويتلقوا منه كتابا سماويا .. فهذا هو الوجه الذي يطلب منه الكتاب ، الذي يناظر هذين الكتابين!
والسؤال هنا ، هو : إذا كان مفهوم ما أوتيه موسى هو تلك الآيات المادية ، التي عرضها على فرعون ، فكيف يستقيم النظم القرآنى ، على هذا الفهم ، وقد جاء قوله تعالى :
(فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما)؟ ألا يدلّ الضمير في «منهما» على أن المراد بآيات موسى هي كتابه ، وهو التوراة؟
ونقول ـ والله أعلم ـ إن آيات موسى المادية هي بعض رسالته ، وهي مكملة للكتاب الذي تلقاه من ربه .. فهى بهذا صحف من كتاب موسى ..
وعلى هذا ، فإن هذه الآيات المادية ، إذا اجتمعت إلى الآيات القرآنية ، كان منهما كتابان ، كتاب مادى ، وكتاب كلامى .. وقد كذب المشركون قديما وحديثا بالكتابين معا ، ما اشتمل منهما على آيات مادية ، وما اشتمل على آيات كلامية ..