المشركين في مكة ، وبين يديهم جميعا آيات موسى ، وآيات محمد ، فيرى فرعون فى آيات محمد ما رآه من قبل في آيات موسى ، ويرى المشركون في آيات موسى ما رأوه في آيات محمد ، وإذا هم جميعا ينطقون بلسان واحد في آيات موسى ، وآيات محمد : (سِحْرانِ تَظاهَرا) .. أي تساندا ، وتعاونا ، فهذا سحر ، وذاك سحر .. وإذن فهى مؤامرة يأتمر بها هذا الساحران علينا .. قديما وحديثا «وقالوا : إنا بكل كافرون» ..
فلو أن فرعون بعث من قبره ، واستمع إلى كلمات الله التي يتلوها محمد لكفر بها ، ولقال إنها سحر ، كما يقول بذلك المشركون ..
ولو أن المشركين ردّوا إلى عهد موسى ، ورأوا من الآيات ما رأى فرعون لقالوا ما قال فرعون فيها : (ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً)!
وهكذا يلتقى أهل الضلال والفساد على طريق واحد ، ينتظم السابقين منهم واللاحقين ، ويجمع الماضين والحاضرين .. والله سبحانه وتعالى يقول : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ .. تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) (١١٨ : البقرة).
قوله تعالى :
(قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
هو ردّ على مجتمع الضالين الغاوين ، الذين كفروا بآيات موسى ، وآيات محمد ، وقالوا إنها سحر ، يظاهر بعضه بعضا ، وإنا بهذا وبهذا كافرون.
وإذن فبم يؤمنون؟ وبأى كتاب يصدّقون؟ فليأتوا بكتاب يحمل من معالم الحق ، أكثر وأضوأ مما يحمل موسى ، ومحمد ، من آيات الله ، حتى تكون