التفسير :
قوله تعالى :
(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ).
ذكرت الآية السابقة على هذه الآية ، ما لله سبحانه وتعالى من فضل على البلد الحرام وأهله ، إذ جعله بلدا آمنا! تهوى إليه الأفئدة ، وتعظمه القلوب ، وجعل لأهله حرمة في الناس ، فأمنوا ما كان ينزل بالناس حولهم من بغى وعدوان .. وقد كشفت الآية كذلك عن كذب هذا الادعاء الذي يدعيه المشركون ، وهو أنهم إذا اتبعوا الهدى ، زال عنهم وعن بلدهم ، هذا الأمن الذي هم فيه ، وتخطّفهم الناس!
وفي هذه الآية ، يهدد الله سبحانه وتعالى هؤلاء المشركين بالنقم التي حلت بكثير من القرى قبلهم ، فقد كانت تلك القرى آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، فلما كفرت بأنعم الله ، وبطرت معيشتها ، أي استخفت بالنعمة وكفرت بها ـ أذاقها الله لباس الجوع والخوف .. وكذلك هؤلاء المشركون ، هم في قرية آمنة مطمئنة ، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، ويجبى إليها ثمرات كل شىء ، وقد بطروا وأشروا ، فأشرف بهم هذا البطر والأشر ، على مواقع الهلاك والبلاء ، ليلحقوا بمن كانوا على شاكلتهم من أهل تلك القرى التي كفرت بأنعم الله ..
قوله تعالى :
(وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ).