ممثلة في هؤلاء الأتباع الذين أغويناهم ، ولكنا أغويناهم كما غوينا نحن ، فنحن غوينا ، ثم أغويناهم بما كنا فيه من غواية ، وإذن فنحن وهم على سواء .. (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) من كل شرك ، وتبرأنا إليك من تعلق هؤلاء الضالين بنا .. (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) وإنما كانوا يعبدون ما نعبد من ضلال!!
وهكذا يجرّ هؤلاء الرؤساء أتباعهم معهم إلى هذا المصير المشئوم ، ليشاركوهم البلاء والعذاب ..
وذلك أنهم ظنوا حين وجه السؤال في قوله تعالى : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أنه لو سبقهم أتباعهم إلى الإجابة على هذا السؤال ، وقالوا : هؤلاء هم الذين دعونا إلى عبادة ما عبدنا من الهة ـ لعلقت التهمة بهم وحدهم ، ولنجا أتباعهم ، وفي هذا ما يضاعف بلواهم ، ويزيد في حسراتهم .. أما حين يؤخذ الجميع ، ويعمهم البلاء ، فإن البلاء ـ وإن عظم ـ يهون ، وإن الحسرة ـ وإن اشتدت ـ تخفّ ..! هكذا فكروا وقدّروا ..
قوله تعالى :
(وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ).
الشركاء : هم من أشركوا بعبادتهم ، واتخذوهم آلهة من دون الله ..
والأمر بدعاء الشركاء ، تيئيس لهم ، وتنديم لما كانوا فيه من ضلال ، حيث كانوا يتعلقون بهؤلاء المعبودين في الدنيا ، ويرجون منهم ما يرجو المؤمنون من ربهم ـ وحين جاء وقت الامتحان ووقف المشركون على النار ، قيل لهم : ادعو شركاءكم ، ليدفعوا عنكم هذا البلاء .. (فَدَعَوْهُمْ .. فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) ولم يسمعوا إلا فحيح جهنم ، وشهيقها ..