ـ قوله تعالى : (وَرَأَوُا الْعَذابَ) هو معطوف على قوله تعالى (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا) أي أنهم حين دعوا شركاءهم الذين عبدوهم من دون الله ، وهتفوا بهم أن أغيثونا ، لم يروا لهم ظلا ، ورأوا العذاب في الموقع الذي كانوا ينتظرون أن تطلع عليهم منه آلهتهم تلك .. وفي ذلك ما يضاعف من بلائهم ويزيد فى حسرتهم.
ـ وقوله تعالى : (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) .. هو صوت منطلق من وراء هذا المشهد ، الذي عرض فيه المشركون وهم في الدنيا ، هذا العرض الذي رأوا فيه المصير الذي هم صائرون إليه ، إذا هم ظلوا على ما هم فيه من عمى وضلال .. وهذا الصوت هو صوت العبرة والعظة ، المندسة في كيان هذا العرض ، الذي شهده المشركون ، وإذ لم يجدوه في أنفسهم ، جاء إليهم من خارج ، فى دعوة مجددة تدعوهم إلى الإيمان بالله ، والانخلاع عن هذا الشرك الذي هم فيه.
وجواب لو مخدوف ، دل عليه مضمون الكلام السابق .. والتقدير : إن فى هذا العرض لعبرة وعظة لهم ، لو كانوا يهتدون .. أي لو كانوا ممن يقبل الهدى ، ويستجيب له ، لكان لهم من هذا الموقف عبرة وعظة.
قوله تعالى :
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)
هو من سياق قوله تعالى فى الآية السابقة : (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) .. فقد قلنا إن هذا صوت يستحثهم على الهدى ، ويدعوهم إلى ترك ما هم فيه من شرك .. فإذا وقع هذا الصوت موقعا من قلوبهم ، وأرادوا أن يطلبوا الهدى ، لقهم الرسول الكريم ، الذي يدعوهم إلى الله ، وهم يصمّون آذانهم عنه .. وتلك جناية أخرى من جناياتهم على أنفسهم ، حيث يدعون في يوم القيامة