الآية السابقة ، للمؤمنين والكافرين ، فيما بين الماء العذب ، والماء الملح ، من تشابه ، وتضادّ في آن واحد ..
فالماء العذب. والماء الملح .. هما ماء واحد .. وهما في الوقت نفسه ماءان .. فالصلة بينهما قريبة ، وبعيدة معا ..!!
والناس ، مؤمنون ، وكافرون .. من أصل واحد .. هم أبناء هذا الماء ..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَجَعَلَهُ نَسَباً) .. أي فجعل هذا الماء هو صلة القرابة القريبة ، التي تجمع الإنسان إلى الإنسان ، كما تجمع الأخ إلى أخيه ..
والناس ، مؤمنون وكافرون .. هم صنفان ، وكان من الممكن ، أن يفرّق بينهما هذا الاختلاف ، ولكن ما بينهما من نسب قريب ، يمنع هذه الفرقة ، ويرفع هذا الاختلاف ..
ومن هنا ، فإنه إذا كان لكلّ من المؤمنين والكافرين ذاتيته ، وطريقه فى الحياة ، فإن ما بينهما من تلاق في الأصل يجعل طريقيهما كالخطّين المتقابلين ، يلتقيان ، عند نقطة هندسية ، أشبه بهذا اللقاء بين الماء العذب والماء الملح ، وليس كالخطين المتوازيين اللذين لا يلتقيان أبدا .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَصِهْراً)!
فالصهر : أهل بيت المرأة بالنسبة لزوجها .. وأصهر إلى فلان : أي تزوج ابنته أو أخته ..
وفي قوله تعالى : (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) ـ إشارة إلى قدرة الله سبحانه وتعالى ، فى الجمع ، بين المختلفين ، والتفرقة بين المتشابهين في حال معا.!