فلو أن الله سبحانه استجاب لهؤلاء المشركين ، ورأوا الملائكة ، لكان ذلك إيذانا ببلاء واقع بهم ، فلا يرى لهم بعد هذا من باقية.
وقوله تعالى : (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) .. أي أن هذا اليوم الذي يرى فيه هؤلاء المجرمون الملائكة ، هو يوم عسر ، لا يطلع عليهم إلا بما يسوءهم ، سواء أكان ذلك فى الدنيا ، أو فى الآخرة .. فلا شىء من البشريات المسعدة لهم فى هذا اليوم الذي يرون فيه الملائكة ..
وقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً).
الحجر : المنع ، ومنه سمى العقل حجرا ، لأنه يحجر صاحبه عن العثار ، والزلل ..
والضمير فى (يَقُولُونَ) يعود إلى الملائكة .. و (حِجْراً مَحْجُوراً) هو مقول قولهم للمجرمين .. أي أنهم يقولون للمجرمين : (حِجْراً مَحْجُوراً) أي ادخلوا هذا الحجر الضيّق ، الذي لا تستطيعون الهرب منه ..
ويجوز أن يكون الضمير فى : (يَقُولُونَ) عائدا على المجرمين أنفسهم ، ويكون ذلك من مقولاتهم ، حين يرون الملائكة ، وما بين أيديهم من نذر الهلاك ، والعذاب ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) .. فقولهم : (حِجْراً مَحْجُوراً) بمعنى قولهم : ثبورا ثبورا ، أي هلاكا مهلكا ..
قوله تعالى :
(وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً).
القدوم على الشيء : الورود عليه ، والوصول إليه من مكان بعيد عنه ..
وقدوم الله سبحانه وتعالى إلى أعمال هؤلاء المجرمين ، لا يعنى أنها كانت