(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة : ١١٥)
فلفظ الآية نزل بصيغة العموم الظاهري ، وقد فهم من السياق القرآني ، وسبب النزول أنها في فئة معينة من المسلمين صلت بالليل كل إلى جهة لجهالتهم القبلة ، وأثابهم الله على صلاتهم ، ورضي بها ، وقبلها منهم ، فالعبرة بخصوصية السبب ، وحكم الآية خاص في السبب الذي نزلت فيه لا يتعداه إلى غيره.
أخرج الترمذي ، وضعّفه من حديث عامر بن ربيعة ، قال : «كنا في سفر في ليلة مظلمة ، فلم ندر أين القبلة ، فصلّى كل رجل منا على حياله ، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت» (١).
٦ ـ قوله تعالى :
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة : ٩٣)
فلفظ الآية نزل بصيغة العموم الظاهري ، وقد عرف من السياق القرآني ، وسبب النزول أنها في جماعة المسلمين الذين ماتوا ، وفي بطونهم الخمر ، قبل أن ينزل القرآن بتحريمها ، فكانت الآية عذرا لهم ، وحجة على الباقين من المسلمين.
فالعبرة هنا بخصوصية السبب ، وحكم الآية يحمل على الخصوصية لا العمومية ، وإلا لشرب المسلمون الأتقياء الخمر ، وإلى قيام الساعة.
__________________
(١) السيوطي ، الإتقان ، ص : ٣٣.