فهذا شأن من مات على الكفر ، فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلا.
والأحاديث الصحيحة ، والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك ، وقد فخر المنصور على محمّد بن عبد الله بن الحسن لما خرج بالمدينة وكاتبه المكاتبات المشهورة ، ومنها في كتاب المنصور : وقد بعث النبي صلىاللهعليهوسلم وله أربعة أعمام ، فآمن به اثنان أحدهما أبي ، وكفر به اثنان أحدهما أبوك.
ومن شعر عبد الله بن المعتز يخاطب الفاطميين :
وأنتم بنو بنته دوننا |
|
ونحن بنو عمّه المسلم |
[المتقارب]
وأخرج الرّافضيّ أيضا في تصنيفه قصة وفاة أبي طالب من طريق علي بن محمّد بن متيم : سمعت أبي يقول : سمعت جدي يقول : سمعت علي بن أبي طالب يقول : تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملّته ، وأوصاني أن أدفنه في قبره ، فأخبرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : اذهب فواره. وأتيته لما أنزل به فغسلته وكفنته ، وحملته إلى الحجون فنبشت عن قبر عبد المطلب ، فوجدته متوجها إلى القبلة فدفنته معه. قال متيم : ما عبد علي ولا أحد من آبائه إلا الله إلى أن ماتوا. أخرجه عن أبي بشر المتقدم ذكره عن أبي بردة السلمي ، عن الحسن بن ما شاء الله ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد بن متيم.
وهذه سلسلة شيعية من الغلاة في الرّفض ، فلا يفرح به ، وقد عارضه ما هو أصح منه مما تقدم فهو المعتمد ، ثم استدل الرافضيّ بقول الله تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف : ١٥٧] قال : وقد عزّره أبو طالب بما اشتهر وعلم ، ونابذ قريشا وعاداهم بسببه مما لا يدفعه أحد من نقلة الأخبار ، فيكون من المفلحين. انتهى.
وهذا مبلغهم من العلم ، وإنا نسلم أنه نصره وبالغ في ذلك ، لكنه لم يتبع النّور الّذي أنزل معه ، وهو الكتاب العزيز الداعي إلى التوحيد ، ولا يحصل الفلاح إلا بحصول ما رتب عليه من الصفات كلها.
__________________
باب شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي طالب ... (٩٠) حديث رقم (٣٥٧/٢٠٩)، وأحمد في المسند ١/٢٠٦،٢٠٧،٢١٠ وعبد الرزاق في المصنف ٩٩٣٩، وأورده المنفي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٤٠٩ ، وابن عساكر في التاريخ ٣/١٠٧.